" صفحة رقم ٢١٤ "
وذلك أنه إذا كان خبراً، فهو في موضع الصفة
الواقعة :( ٨٠ ) تنزيل من رب.....
وقوله بعد ذلك ) تَنزِيلَ ( صفة، فإذا جعلناه نهياً، جاء معناه أجنبياً معترضاً بين الصفات، وذلك لا يحسن في وصف الكلام فتدبره. وفي حرف ابن مسعود ما يمسه، وهذا يقوي ما رجحته من الخبر الذي معناه حقه وقدره أن لا يمسه إلا طاهر. انتهى.
ولا يتعين أن يكون ) تَنزِيلَ ( صفة، بل يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، فيحسن إذ ذاك أن يكون ) لاَّ يَمَسُّهُ ( نهياً. وذكروا هنا حكم مس المصحف، وذلك مذكور في الفقه، وليس في الآية دليل على منع ذلك. وقرأ الجمهور :) الْمُطَهَّرُونَ ( اسم مفعول من طهر مشدّداً ؛ وعيسى : كذلك مخففاً من أطهر، ورويت عن نافع وأبي عمرو. وقرأ سلمان الفارسي : المطهرون، بخف الطاء وشد الهاء وكسرها : اسم فاعل من طهر، أي المطهرين أنفسهم ؛ وعنه أيضاً المطهرون بشدهما، أصله المتطهرون، فأدغم التاء في الطاء، ورويت عن الحسن وعبد الله بن عوف. وقرىء : المتطهرون. وقرىء : تنزيلاً بالنصب، أي نزل تنزيلاً،
الواقعة :( ٨١ ) أفبهذا الحديث أنتم.....
والإشارة في :) أَفَبِهَاذَا الْحَدِيثِ ( للقرآن، و ) أَنتُمْ ( : خطاب للكفار، ( مُّدْهِنُونَ (، قال ابن عباس : مهاودون فيما لا يحل. وقال أيضاً : مكذبون.
الواقعة :( ٨٢ ) وتجعلون رزقكم أنكم.....
( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ ( : أي شكر ما رزقكم الله من إنزال القرآن عليكم تكذيبكم به، أي تضعون مكان الشكر التكذيب، ومن هذا المعنى قول الراجز : مكان شكر القوم عند المنن
كي الصحيحات وفقء الأعين
وقرأ عليّ وابن عباس : وتجعلون شكركم، وذلك على سبيل التفسير لمخالفته السواد. وحكى الهيثم بن عدي أن من لغة أزد شنؤه ما رزق فلان فلاناً، بمعنى : ما شكره. قيل : نزلت في الأنواء، ونسبة السقيا إليها، والرزق : المطر، فالمعنى : ما يرزقكم الله من الغيب. وقال ابن عطية : أجمع المفسرون على أن الآية توبيخ للقائلين في المطر، هذا بنوء كذا وكذا، وهذا بنوء الأسد، وهذا بنوء الجوزاء، وغير ذلك. وقرأ الجمهور :) تُكَذّبُونَ ( من التكذيب ؛ وعليّ والمفضل عن عاصم : من الكذب، فالمعنى من التكذيب أنه ليس من عند الله، أي القرآن أو المطر، حيث ينسبون ذلك إلى النجوم. ومن الكذب قولهم : في القرآن سحر وافتراء، وفي المطر من الأنواء.
الواقعة :( ٨٣ - ٨٤ ) فلولا إذا بلغت.....
( فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (، قال الزمخشري : ترتيب الآية : فلولا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين، فلولا الثانية مكررة للتوكيد، والضمير في ترجعونها للنفس. وقال ابن عطية : توقيف على موضع عجز يقتضي النظر فيه أن الله مالك كل شيء. ) وَأَنتُمْ ( : إشارة إلى جميع البشر، ( حِينَئِذٍ ( : حين إذ بلغت الحلقوم، ( تَنظُرُونَ ( : أي إلى النازع في الموت. وقرأ عيسى : حينئذ بكسر النون اتباعاً لحركة الهمزة في إذ،
الواقعة :( ٨٥ - ٨٧ ) ونحن أقرب إليه.....
( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ ( بالعلم والقدرة، ( وَلَاكِن لاَّ تُبْصِرُونَ ( : من البصيرة بالقلب، أو ) أَقْرَبُ ( : أي ملائكتنا ورسلنا، ( وَلَكِنَّا لاَ تُبْصِرُونَ ( : من البصر بالعين. ثم عاد التوقيف والتقدير ثانية بلفظ التخصيص. والمدين : المملوك. قال الأخطل : ربت ورباني في حجرها ابن مدينة قيل : ابن مملوكة يصف عبداً ابن أمة، وآخر البيت :
تراه على مسحانة يتوكل والمعنى : فلولا ترجعون النفس البالغة إلى الحلقوم إن كنتم غير مملوكين وغير مقهورين. ) إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( في تعطيلكم وكفركم بالمحيي المميت المبدىء المعيد، إذ كانوا فيما ذهبوا إليه من أن القرآن سحر وافتراء، وأن ما نزل من المطر