" صفحة رقم ٢١٥ "
هو بنوء، كذا تعطيل للصانع وتعجيز له. وقال ابن عطية : قوله ) تَرْجِعُونَهَا ( سد مسد جوابها، والبيانات التي تقتضيها التخصيصات، وإذا من قوله :) فَلَوْلاَ إِذَا (، وإن المتكررة، وحمل بعض القول بعضاً إيجازاً واقتصاراً. انتهى. وتقول :) إِذَا ( ليست شرطية، فتسد ) تَرْجِعُونَهَا ( مسد جوابها، بل هي ظرف غير شرط معمول لترجعونها المحذوف بعد فلولا، لدلالة ترجعونها في التخصيص الثاني علي، فجاء التخصيص الأول مقيداً بوقت بلوغ الحلقوم، وجاء التخصيص الثاني معلقاً على انتفاء مربوبيتهم، وهم لا يقدرون على رجوعها، إذ مربوبيتهم موجودة، فهم مقهورون لا قدرة لهم.
( فَأَمَّا إِن كَانَ ( : أي المتوفى، ( مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ( : وهم السابقون.
الواقعة :( ٨٨ - ٩٠ ) فأما إن كان.....
وقرأ الجمهور ؛ ) فَرَوْحٌ (، بفتح الراء ؛ وعائشة، عن النبي ( ﷺ ) )، وابن عباس، والحسن، وقتادة، ونوح القارىء، والضحاك، والأشهب، وشعيب بن الحبحاب، وسليمان التيمي، والربيع بن خيثم، ومحمد بن عليّ، وأبو عمران الجوني، والكلبي، وفياض، وعبيد، وعبد الوارث عن أبي عمرو، ويعقوب بن صيان، وزيد، ورويس عنه : بضمها. قال الحسن : الروح : الرحمة، لأنها كالحياة للمرحوم. وقال أيضاً : روحه تخرج في ريحان. وقيل : الروح : البقاء، أي فهذان له معاً، وهو الخلود مع الرزق. وقال مجاهد : الريحان : الرزق. وقال الضحاك : الاستراحة. وقال أبو العالية وقتادة والحسن أيضاً : الريحان، هذا الشجر المعروف في الدنيا، يلقى المقرب ريحاناً من الجنة. وقال الخليل : هو ظرف كل بقلة طيبة فيها أوائل النور. وقال ( ﷺ ) )، في الحسن والحسين، رضي الله تعالى عنهما :( هما ريحانتاي من الدنيا ).
وقال ابن عطية : الريحان : مما تنبسط به النفوس، ( فَرَوْحٌ ( : فسلام، فنزل الفاء جواب أما تقدم. أما وهي في تقدير الشرط، وإن كان من المقربين، وإن كان من أصحاب اليمين، وإن كان من المكذبين الضالين شرط ؛ وإذا اجتمع شرطان، كان الجواب للسابق منهما. وجواب الثاني محذوف، ولذلك كان فعل الشرط ماضي للفظ، أو مصحوباً بلم، وأغنى عنه جواب أما، هذا مذهب سيبويه. وذهب أبو عليّ الفارسي إلى أن الفاء جواب إن، وجواب أما محذوف، وله قول موافق لمذهب سيبويه. وذهب الأخفش إلى أن الفاء جواب لأمّا، والشرط معاً، وقد أبطلنا هذين المذهبين في كتابنا المسمى بالتذييل والتكميل في شرح التسهيل، والخطاب في ذلك للرسول ( ﷺ ) )، أي لا ترى فيهم يا محمد إلا السلامة من العذاب. ثم لكل معتبر من أمّته ( ﷺ ) ) قبل لمن يخاطبه :) مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ).
الواقعة :( ٩١ ) فسلام لك من.....
فقال الطبري : المعنى : فسلام لك أنت من أصحاب اليمين. وقال قوم : المعنى : فيقال لهم : مسلم لك إنك من أصحاب اليمين. وقيل : فسلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين، أي يسلمون عليك، كقوله :) إِلاَّ قَلِيلاً سَلَاماً سَلَاماً ).
الواقعة :( ٩٢ ) وأما إن كان.....
والمكذبون الضالون هم أصحاب المشأمة، أصحاب الشمال.
الواقعة :( ٩٣ ) فنزل من حميم
وقرأ الجمهور : وتصلية رفعاً، عطفاً على ) فَنُزُلٌ ( ؛ وأحمد بن موسى والمنقري واللؤلؤي عن أبي عمرو : بحر عطفاً على ) مِنْ حَمِيمٍ ).
الواقعة :( ٩٤ - ٩٥ ) وتصلية جحيم
ولما انقضى الإخبار بتقسيم أحوالهم وما آل إليه كل قسم منهم، أكد ذلك بقوله :) إِنَّ هَذَا ( : أي إن هذا الخبر المذكور في هذه السورة ) هُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (، فقيل : هو من إضافة المترادفين على سبيل المبالغة، كما تقول : هذا يقين اليقين وصواب الصواب، بمعنى أنها نهاية في ذلك، فهما بمعنى واحد أضيف على سبيل المبالغة. وقيل : هو من إضافة الموصوف إلى صفته جعل الحق مبايناً لليقين، أي الثابت المتيقن.
الواقعة :( ٩٦ ) فسبح باسم ربك.....
ولما تقدم ذكر الأقسام الثلاثة مسهباً الكلام فيهم، أمره تعالى بتنزيهه عن ما لا يليق به من الصفات. ولما أعاد التقسيم موجزاً الكلام فيه، أمره أيضاً بتنزيهه وتسبيحه، والإقبال على عبادة ربه، والإعراض عن أقوال الكفرة المنكرين للبعث والحساب والجزاء. ويظهر أن سبح يتعدى تارة بنفسه، كقوله :) سَبِّحِ اسْمَ رَبّكَ الاَعْلَى (، ويسبحوه ؛ وتارة بحرف الجر، كقوله :) فَسَبّحْ بِاسْمِ رَبّكَ الْعَظِيمِ (، والعظيم يجوز أن يكون صفة لاسم، ويجوز أن يكون صفة لربك.