" صفحة رقم ٢٣٤ "
المتناجون، ومن جعله مصدراً محضاً على حذف مضاف، أي ولا نجوى أدنى، ثم حذف وأقيم المضاف إليه مقامه فأعرب بإعرابه. ويجوز أن يكون ) وَلاَ أَدْنَى ( مبتدأ، والخبر ) إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ (، فهو من عطف الجمل، وقرأ الحسن أيضاً ومجاهد والخليل بن أحمد ويعقوب أيضاً : ولا أكبر بالباء بواحدة والرفع، واحتمل الإعرابين : العطف على الموضع والرفع بالابتداء. وقرىء :) يُنَبّئُهُمُ ( بالتخفيف والهمز ؛ وزيد بن علي : بالتخفيف وترك الهمز وكسر الهاء ؛ والجمهور : بالتشديد والهمز وضم الهاء.
قوله عز وجل ) لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِى أَنفُسِهِمْ ).
المجادلة :( ٨ - ٩ ) ألم تر إلى.....
نزلت ) أَلَمْ تَرَ ( في اليهود والمنافقين. كانوا يتناجون دون المؤمنين، وينظرون إليهم ويتغامزون بأعينهم عليهم، موهمين المؤمنين من أقربائهم أنهم أصابهم شر، فلا يزالون كذلك حتى يقدم أقرباؤهم. فلما كثر ذلك منهم، شكا المؤمنون إلى رسول الله ( ﷺ ) )، فأمرهم أن لا يتناجوا دون المؤمنين، فلم ينتهوا، فنزلت، قاله ابن عباس. وقال مجاهد : نزلت في اليهود. وقال ابن السائب : في المنافقين. وقرأ الجمهور :) وَيَتَنَاجَوْنَ ( ؛ وحمزة وطلحة والأعمش ويحيى بن وثاب ورويس : وينتجون مضارع انتجى. ) بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ اللَّهُ ( : كانوا يقولون : السام عليك، وهو الموت ؛ فيرد عليهم : وعليكم. وتحية الله لأنبيائه :) وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ). ) لَوْلاَ يُعَذّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ( : أي إن كان نبياً، فما له لا يدعو علينا حتى نعذب بما نقول ؟ فقال تعالى :) حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ ).
ثم نهى المؤمنين أن يكون تناجيهم مثل تناجي الكفار، وبدأ بالإثم لعمومه، ثم بالعدوان لعظمته في النفوس، إذ هي ظلامات العباد. ثم ترقى إلى ما هو أعظم، وهو معصية الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي هذا طعن على المنافقين، إذ كان تناجيهم في ذلك. وقرأ الجمهور :) فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ (، وأدغم ابن محيصن التاء في التاء. وقرأ الكوفيون والأعمش وأبو حيوة ورويس : فلا تنتجوا مضارع انتجى ؛ والجمهور : بضم عين العدوان ؛ وأبو حيوة بكسرها حيث وقع ؛ والضحاك : ومعصيات الرسول على الجمع. والجمهور : على الإفراد. وقرأ عبد الله : إذا انتجيتم فلا تنتجوا.
المجادلة :( ١٠ ) إنما النجوى من.....
وأل في ) إِنَّمَا النَّجْوَى ( للعهد في نجوى الكفار ) بِالإِثْمِ وَالْعُدْوانِ (، وكونها ) مِنَ الشَّيْطَانِ (، لأنه هو الذي يزينها لهم، فكأنها منه.
( لِيَحْزُنَ الَّذِينَ ءامَنُواْ ( : كانوا يوهمون المؤمنين أن غزاتهم غلبوا وأن أقاربهم قتلوا. ) وَلَيْسَ ( : أي التناجي أو الشيطان أو الحزن، ( بِضَارّهِمْ ( : أي المؤمنين، ( إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ( : أي بمشيئته، فيقضي بالقتل أو الغلبة. وقال ابن زيد : هي نجوى قوم من المسلمين يقصدون مناجاة الرسول ( ﷺ ) )، وليس لهم حاجة ولا ضرورة. يريدون التبجح بذلك، فيظن المسلمون أن ذلك في أخبار بعد وقاصداً نحوه. وقال عطية العوفي : نزلت في المناجاة التي يراها المؤمن في النوم تسوءه، فكأنه نجوى يناجي بها. انتهى. ولا يناسب هذا القول ما قبل الآية ولا ما


الصفحة التالية
Icon