" صفحة رقم ٢٥٩ "
من ذلك، لأنه إذا ثبت كبر مقته عند الله فقد تم كبره وشدته. انتهى. وقال ابن عطية : والمقت : البغض من أجل ذنب أو ريبة أو دناءة يصنعها الممقوت. انتهى. وقال المبرد : رجل ممقوت ومقيت، إذا كان يبغضه كل أحد. انتهى.
الصف :( ٤ ) إن الله يحب.....
وقرأ زيد بن عليّ : يقاتلون بفتح التاء. وقيل : قرىء يقتلون، وانتصب صفاً على الحال، أي صافين أنفسهم أو مصفوفين، كأنهم فيء في تراصهم من غير فرجة ولا خلل، بنيان رص بعضه إلى بعض. والظاهر تشبيه الذوات في التحام بعضهم ببعض بالبنيان المرصوص. وقيل : المراد استواء نياتهم في الثبات حتى يكونوا في اجتماع الكلمة كالبنيان المرصوص. قيل : وفيه دليل على فضل القتال راجلاً، لأن الفرسان لا يصطفون على هذه الصفة ؛ وصفاً وكأنهم، قال الزمخشري : حالان متداخلان. وقال الحوفي : كأنهم في موضع النعت لصفاً. انتهى. ويجوز أن يكونا حالين من ضمير يقاتلون.
الصف :( ٥ ) وإذ قال موسى.....
ولما كان في المؤمنين من يقول ما لا يفعل، وهو راجع إلى الكذب، فإن ذلك في معنى الإذاية للرسول عليه الصلاة والسلام، إذ كان في أتباعه من عانى الكذب، فناسب ذكر قصة موسى وقوله لقومه :) لِمَ تُؤْذُونَنِى (، وإذايتهم له كان بانتقاصه في نفسه وجحود آيات الله تعالى واقتراحاتهم عليه ما ليس لهم اقتراحه، ( وَقَد تَّعْلَمُونَ ( : جملة حالية تقتضي تعظيمه وتكريمه، فرتبوا على علمهم أنه رسول الله ما لا يناسب العلم وهو الإذاية، وقد تدل على التحقق في الماضي والتوقع في المضارع، والمضارع هنا معناه المضي، أي وقد علمتم، كقوله :) قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ (، أي قد علم، ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ ). وعبر عنه بالمضارع ليدل على استصحاب الفعل، ( فَلَمَّا زَاغُواْ ( عن الحق، ( أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ). قال الزمخشري : بأن منع ألطافه، ( وَاللَّهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ( : لا يلطف بهم، لأنهم ليسوا من أهل اللطف. وقال غيره : أسند الزيغ إليهم، ثم قال :) أَزَاغَ اللَّهُ ( كقوله تعالى :) نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ (، وهو من العقوبة على الذنب بالذنب، بخلاف قوله :) ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ ).
الصف :( ٦ ) وإذ قال عيسى.....
ولما ذكر شيئاً من قصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل، ذكر أيضاً شيئاً من قصة عيسى عليه السلام. وهناك قال :) عَلَيْهِ قَوْمٌ ( لأنه من بني إسرائيل، وهنا قال عيسى :) مَعِىَ بَنِى إِسْراءيلَ ( من حيث لم يكن له فيهم أب، وإن كانت أمه منهم. ومصدقاً ومبشراً : حالان، والعامل رسول، أي مرسل، ويأتي واسمه جملتان في موضع الصفة لرسول أخبر أنه مصدق لما تقدم من كتب الله الإلهية، ولمن تأخر من النبي المذكور، لأن التبشير بأنه رسول تصديق لرسالته. وروي أن الحواريين قالوا : يا رسول الله هل بعدنا من أمة ؟ قال :( نعم، أمة أحمد ( ﷺ ) )، حكماء علماء أبرار أتقياء، كأنهم من الفقه أنبياء يرضون من الله باليسير من الرزق، ويرضى الله منهم بالقليل من العمل ). وأحمد علم منقول من المضارع للمتكلم، أو من أحمد أفعل التفضيل، وقال حسان : صلى الإله ومن يحف بعرشه
والطيبون على المبارك أحمد
وقال القشيري : بشر كل نبي قومه بنبينا محمد ( ﷺ ) )، والله أفرد عيسى بالذكر في هذا الموضع لأنه آخر نبي قبل نبينا ( ﷺ ) )، فبين أن البشارة به عمت جميع الأنبياء واحداً بعد واحد حتى انتهت إلى عيسى عليه السلام. والظاهر أن الضمير المرفوع في ) جَاءهُمُ ( يعود على عيسى لأنه المحدث عنه. وقيل : يعود على أحمد. لما فرغ من كلام عيسى، تطرق إلى الإخبار عن أحمد ( ﷺ ) )، وذلك على سبيل الإخبار للمؤمنين، أي فلما جاء المبشر به هؤلاء الكفار بالمعجزات الواضحة قالوا :) هَاذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ). وقرأ الجمهور : سحر، أي ما جاء به من البينات. وقرأ عبد الله وطلحة والأعمش وابن وثاب : ساحر، أي هذا الحال ساحر.
الصف :( ٧ ) ومن أظلم ممن.....
وقرأ الجمهور : يدعى مبنياً للمفعول ؛ وطلحة : يدعى مضارع ادعى مبنياً للفاعل، وادعى يتعدى بنفسه إلى المفعول به، لكنه لما ضمن معنى الانتماء والانتساب عدى بإلى. وقال الزمخشري : أيضاً، وقرأ طلحة بن مصرف : وهو يدعى بشد الدال، بمعنى يدعى دعاه وادعاه، نحو لمسه والتمسه.
الصف :( ٨ ) يريدون ليطفئوا نور.....
( يُرِيدُونَ ( الآية : تقدم


الصفحة التالية
Icon