" صفحة رقم ٢٦٠ "
تفسير نظيرها في سورة التوبة. وقال الزمخشري : أصله :) يُرِيدُونَ أَن (، كما جاء في سورة براءة، وكأن هذه اللام زيدت مع فعل الإرادة تأكيداً له لما فيها من معنى الإرادة في قولك : جئتك لأكرمك، كما زيدت اللام في : لا أبا لك، تأكيداً لمعنى الإضافة في : لا أبا لك. انتهى. وقال نحوه ابن عطية، قال : واللام في قوله :) ليطفؤا ( لام مؤكدة، دخلت على المفعول لأن التقدير : يريدون أن يطفؤا، وأكثر ما تلزم هذه اللام المفعول إذا تقدم، تقول : لزيد ضربت، ولرؤيتك قصرت. انتهى. وما ذكره ابن عطية من أن هذه اللام أكثر ما تلزم المفعول إذا تقدم ليس بأكثر، بل الأكثر : زيداً ضربت، من : لزيد ضربت. وأما قولهما إن اللام للتأكيد، وإن التقدير أن يطفؤا، فالإطفاء مفعول ) إِن يُرِيدُونَ (، فليس بمذهب سيبويه والجمهور. وقال ابن عباس وابن زيد : هنا يريدون إبطال القرآن وتكذيبه بالقول. وقال السدي : يريدون دفع الإسلام بالكلام. وقال الضحاك : هلاك الرسول ( ﷺ ) ) بالأراجيف. وقال ابن بحر : إبطال حجج الله بتكذيبهم.
وعن ابن عباس : سبب نزولها أن الوحي أبطأ أربعين يوماً، فقال كعب بن الأشرف : يا معشر يهود أبشروا، اطفأ الله نور محمد فيما كان ينزل عليه وما كان ليتم نوره، فحزن الرسول ( ﷺ ) )، فنزلت واتصل الوحي. وقرأ العربيان ونافع وأبو بكر والحسن وطلحة والأعرج وابن محيصن :) مُّتُّمْ ( بالتنوين، ( نُورِهِ ( بالنصب ؛ وباقي السبعة والأعمش : بالإضافة.
الصف :( ١٠ ) يا أيها الذين.....
وقرأ الجمهور :) تُنجِيكُم ( مخففاً ؛ والحسن وابن أبي إسحاق والأعرج وابن عامر : مشدداً.
الصف :( ١١ - ١٢ ) تؤمنون بالله ورسوله.....
والجمهور :) تُؤْمِنُونَ (، ( وَتُجَاهِدُونَ ( ؛ وعبد الله : آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا أمرين ؛ وزيد بن علي بالتاء، فيهما محذوف النون فيهما. فأما توجيه قراءة الجمهور، فقال المبرد : هو بمعنى آمنوا على الأمر، ولذلك جاء يغفر مجزوماً. انتهى، فصورته صورة الخبر، ومعناه الأمر، ويدل عليه قراءة عبد الله، ونظيره قوله : اتقى الله امرؤ فعل خيراً يثب عليه، أي ليتق الله، وجيء به على صورة الخبر. قال الزمخشري : للإيذان بوجوب الامتثال وكأنه امتثل، فهو يخبر عن إيمان وجهاد موجودين، ونظيره قول الداعي : غفر الله لك ويغفر الله لك، جعلت المغفرة لقوة الرجاء، كأنها كانت ووجدت. انتهى. وقال الأخفش : هو عطف بيان على تجارة، وهذا لا يتخيل إلا على تقدير أن يكون الأصل أن تؤمنوا حتى يتقدر بمصدر، ثم حذف أن فارتفع الفعل كقوله :
ألا أيهذا الزاجري احضر الوغا
يريد : أن احضر، فلما حذف أن ارتفع الفعل، فكان تقدير الآية ) هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ( : إيمان بالله ورسوله وجهاد. وقال ابن عطية :) تُؤْمِنُونَ ( فعل مرفوع تقديره ذلك أنه تؤمنون. انتهى، وهذا ليس بشيء، لأن فيه حذف المبتدأ وحذف أنه وإبقاء الخبر، وذلك لا يجوز. وقال الزمخشري : وتؤمنون استئناف، كأنهم قالوا : كيف نعمل ؟ فقال : تؤمنون، ثم اتبع المبرد فقال : هو خبر في معنى الأمر، وبهذا أجيب بقوله :) يَغْفِرْ لَكُمْ ). انتهى. وأما قراءة عبد الله فظاهرة المعنى وجواب الأمر يغفر، وأما قراءة زيد فتتوجه على حذف لام الأمر، التقدير : لتؤمنوا، كقول الشاعر : قلت لبواب على بابها
تأذن لي أني من أحمائها
يريد : لتأذن، ويغفر مجزوم على جواب الأمر في قراءة عبد الله وقراءة زيد، وعلي تقدير المبرد. وقال الفراء : هو مجزوم


الصفحة التالية
Icon