" صفحة رقم ٣٧٠ "
الليل النهار : أخلفه.
المدثر :( ٣٤ ) والصبح إذا أسفر
وقرأ الجمهور : أسفر رباعياً ؛ وابن السميفع وعيسى بن الفضل : سفر ثلاثياً، والمعنى : طرح الظلمة عن وجهه.
المدثر :( ٣٥ - ٣٦ ) إنها لإحدى الكبر
) إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ ( : الظاهر أن الضمير في إنها عائد على النار. قيل : ويحتمل أن يكون للنذارة، وأمر الآخرة فهو للحال والقصة. وقيل : إن قيام الساعة لإحدى الكبر، فعاد الضمير إلى غير مذكور، ومعنى إحدى الكبر : الدواهي الكبر، أي لا نظير لها، كما تقول : هو أحد الرجال، وهي إحدى النساء، والكبر : العظائم من العقوبات.
وقال الراجز : يا ابن المعلى نزلت إحدى الكبر
داهية الدهر وصماء الغير
والكبر جمع الكبرى، طرحت ألف التأنيث في الجمع، كما طرحت همزته في قاصعاء فقالوا قواصع. وفي كتاب ابن عطية : والكبر جمع كبيرة، ولعله من وهم الناسخ. وقرأ الجمهور : لإحدى بالهمز، وهي منقلبة عن واو أصله لوحدى، وهو بدل لازم. وقرأ نصر بن عاصم وابن محيصن ووهب بن جرير عن ابن كثير : بحذف الهمزة، وهو حذف لا ينقاس، وتخفيف مثل هذه الهمزة أن تجعل بين بين. والظاهر أن هذه الجملة جواب للقسم. وقال الزمخشري : أو تعليل لكلا، والقسم معترض للتوكيد. انتهى.
وقرأ الجمهور :) نَذِيراً (، واحتمل أن يكون مصدراً بمعنى الإنذار، كالنكير بمعنى الإنكار، فيكون تمييزاً : أي لإحدى الكبر إنذاراً، كما تقول : هي إحدى النساء عفافاً. كما ضمن إحدى معنى أعظم، جاء عنه التمييز. وقال الفراء : هو مصدر نصب بإضمار فعل، أي أنذر إنذاراً. واحتمل أن يكون اسم فاعل بمعنى منذر. فقال الزجاج : حال من الضمير في إنها. وقيل : حال من الضمير في إحدى، ومن جعله متصلاً بقم في أول السورة، أو ب : فأنذر في أول السورة، أو حالاً من الكبر، أو حالاً من ضمير الكبر، فهو بمعزل عن الصواب. قال أبو البقاء : والمختار أن يكون حالاً مما دلت عليه الجملة تقديره : عظمت نذيراً. انتهى، وهو قول لا بأس به. قال النحاس : وحذفت الهاء من نذيراً، وإن كان للنار على معنى النسب، يعني ذات الإنذار. وقال علي بن سليمان : أعني نذيراً. وقال الحسن : لأنذر، إذ هي من النار. قال ابن عطية : وهذا القول يقتضي أن نذيراً حال من الضمير في إنها، أو من قوله :) لإِحْدَى ). قال أبو رزين : نذير هنا هو الله تعالى، فهو منصوب بإضمار فعل، أي ادعوا نذيراً. وقال ابن زيد : نذير هنا هو محمد ( ﷺ ) )، فهو منصوب بفعل مضمر، أي ناد، أو بلغ، أو أعلن. وقرأ أبيّ وابن أبي عبلة : نذير بالرفع. فإن كان من وصف النار، جاز أن يكون خبراً وخبر مبتدأ محذوف، أي هي نذير. وإن كان من وصف الله أو الرسول، فهو على إضمار هو.
المدثر :( ٣٧ ) لمن شاء منكم.....
والظاهر أن لمن بدل من البشر بإعادة الجار، وأن يتقدم منصوب بشاء ضمير يعود على من. وقيل : الفاعل ضمير يعود على الله تعالى، أي لمن شاء هو، أي الله تعالى. وقال الحسن : هو وعيد، نحو قوله تعالى :) فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ). قال ابن عطية : هو بيان في النذارة وإعلام بأن كل أحد يسلك طريق الهدى والحق إذا حقق النظر، إذ هو بعينه يتأخر عن هذه الرتبة بغفلته وسوء نظره.
المدثر :( ٣٨ ) كل نفس بما.....
ثم قوى هذا المعنى بقوله تعالى :) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ).
وقال الزمخشري :) أَن يَتَقَدَّمَ ( في موضع الرفع بالابتداء، و ) لِمَن شَاء ( خبر مقدم عليه، كقولك لمن توضأ : أن يصلي، ومعناه مطلق لمن شاء التقدم أو التأخر أن يتقدم أو يتأخر. والمراد بالتقدم والتأخر : السبق إلى الخير والتخلف عنه، وهو كقوله :) فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ). انتهى، وهو معنى لا يتبادر إلى الذهن وفيه حذف


الصفحة التالية
Icon