" صفحة رقم ٤٠٦ "
ومنه قول الآخر : أماني من سعدى حسان كأنما
سقتك بها سعدى على ظمأ بردا
والذوق على هذا حقيقة، والنحويون ينشدون على هذا بيت حسان. بردى، بفتح الراء والدال بعدها ألف التأنيث : وهو نهر في دمشق. وتقدم شرح الحميم والغساق، وخلف القرّاء في شدة الشين وخفتها.
النبأ :( ٢٦ ) جزاء وفاقا
) وِفَاقاً ( : أي لأعمالهم وكفرهم، وصف الجزاء بالمصدر لوافق، أو على حذف مضاف، أي ذا وفاق. وقال الفراء : هو جمع وفق. وقرأ الجمهور : بخف الفاء ؛ وأبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة : بشدها من وفقه كذا.
النبأ :( ٢٧ ) إنهم كانوا لا.....
( لاَ يَرْجُونَ ( : لا يخافون أو لا يؤمنون، والرجاء والأمل مفترقان، والمعنى هنا : لا يصدقون بالحساب، فهم لا يؤمنون ولا يخافون.
النبأ :( ٢٨ ) وكذبوا بآياتنا كذابا
وقرأ الجمهور :) كِذَّاباً ( بشد الذال مصدر كذب، وهي لغة لبعض العرب يمانية. يقولون في مصدر فعل فعالاً، وغيرهم يجعل مصدره على تفعيل، نحو تكذيب. ومن تلك اللغة قول الشاعر : لقد طال ما ثبطتني عن صحابتي
وعن حاجة قضاؤها من شفائيا
ومن كلام أحدهم وهو يستفتي الحلق أحب إليك أم القصار، يريد التقصير، يعني في الحج. وقال الزمخشري : وفعال في باب فعل كله فاش في كلام فصحاء من العرب لا يقولون غيره، وسمعني بعضهم أفسر آية فقال : لقد فسرتها فساراً ما سمع بمثله. وقرأ علي وعوف الأعرابي وأبو رجاء والأعمش وعيسى بخلاف عنه بخف الذال. قال صاحب اللوامح علي وعيسى : البصرة، وعوف الأعرابي : كذاباً، كلاهما بالتخفيف، وذلك لغة اليمن بأن يجعلوا مصدر كذب مخففاً، كذاباً بالتخفيف مثل كتب كتاباً، فصار المصدر هنا من معنى الفعل دون لفظه، مثل أعطيته عطاء. انتهى. وقال الأعشى : فصدقتها وكذبتها
والمرء ينفعه كذابه
وقال الزمخشري : هو مثل قوله :) أَنبَتَكُمْ مّنَ الاْرْضِ نَبَاتاً ( يعني : وكذبوا بآياتنا فكذبوا كذاباً، أو تنصبه بكذبوا لا يتضمن معنى كذبوا، لأن كل مكذب بالحق كاذب ؛ وإن جعلته بمعنى المكاذبة فمعناه : وكذبوا بآياتنا فكاذبوا مكاذبة، أو كذبوا بها مكاذبين لأنهم إذا كانوا عند المسلمين كاذبين وكان المسلمون عندهم كاذبين فبينهم مكاذبة، أو لأنهم يتكلمون بما هو إفراط في الكذب، فعل من يغالب في أمر فيبلغ فيه أقصى جهده. انتهى. والأظهر الإعراب الأول وما سواه تكلف، وفي كتاب ابن عطية وكتاب اللوامح. وقرأ عبد الله بن عمر بن عبد العزيز : وفي كتاب ابن خالويه عمر بن عبد العزيز والماجشون، ثم اتفقوا كذاباً بضم الكاف وشد الذال، فخرج على أنه جمع كاذب وانتصب على الحال المؤكدة، وعلى أنه مفرد صفة لمصدر، أي تكذيباً كذاباً مفرطاً في التكذيب.
النبأ :( ٢٩ ) وكل شيء أحصيناه.....
وقرأ الجمهور :) وَكُلَّ شىْء ( بالنصب : وأبو السمال : بالرفع، وانتصب ) كِتَاباً ( على أنه مصدر من معنى ) أَحْصَيْنَاهُ ( أي إحصاء، أو يكون ) أَحْصَيْنَاهُ ( في معنى كتبناه. والتجوز إما في المصدر وإما في الفعل وذلك لالتقائهما في معنى الضبط، أو على أنه مصدر في موضع الحال، أو مكتوباً في اللوح وفي مصحف الحفظة. ) وَكُلَّ شىْء ( عام مخصوص، أي كل شيء مما يقع عليه الثواب والعقاب، وهي جملة اعتراض معترضة،
النبأ :( ٣٠ ) فذوقوا فلن نزيدكم.....
وفذوقوا مسبب عن كفرهم بالحساب، فتكذيبهم بالآيات. وقال عبد الله بن عمر : وما نزلت في أهل النار آية أشد من هذه، ورواه أبو بردة عن النبي ( ﷺ ) ).
النبأ :( ٣١ - ٣٥ ) إن للمتقين مفازا
ولما ذكر شيئاً من حال أهل النار، ذكر ما