" صفحة رقم ٤٥ "
وذلك نحو افترص ابن الزبعري قوله عز وجل :) إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ (، ومغالطته رسول الله ( ﷺ ) ) وقوله : خصمتك ؛ ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء، لأنه في معنى الآية كقول أبي العتاهية : نفسي بشيء من الدنيا معلقة
الله والقائم المهدي يكفيها
حيث أراد عتبة. انتهى. وعتبة جارية كان أبو العتاهية يهواها وينتسب بها. والإشارة بأولئك إلى كل أفاك، لشموله الأفاكين. حمل أولاً على لفظ كل، وأفرد على المعنى فجمع، كقوله :) كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ). ) مّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ ( : أي من قدامهم، والوراء : ما توارى من خلف وأمام. ) وَلاَ يُغْنِى عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً ( من الأموال في متاجرهم، ( وَلاَ مَا اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ ( من الأوثان. ) هَاذَا (، أي القرآن، ( هُدًى (، أي بالغ في الهداية، كقولك : هذا رجل، أي كامل في الرجولية. قرأ طلحة، وابن محيصن، وأهل مكة، وابن كثير، وحفص :) أَلِيمٌ (، بالرفع نعتاً لعذاب ؛ والحسن، وأبو جعفر، وشيبة، وعيسى، والأعمش، وباقي السبعة : بالجر نعتاً لرجز.
الجاثية :( ١٢ - ١٣ ) الله الذي سخر.....
( اللَّهُ الَّذِى سَخَّرَ ( الآية : آية اعتبار في تسخير هذا المخلوق العظيم، والسفن الجارية فيه بهذا المخلوق الحقير، وهو الإنسان. ) بِأَمْرِهِ ( : أي بقدرته. أناب الأمر مناب القدرة، كأنه يأمر السفن أن تجري. ) مِن فَضْلِهِ ( بالتجارة وبالغوص على اللؤلؤ والمرجان، واستخراج اللحم الطري. ) مَا فِي السَّمَاوَاتِ ( من الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح والهواء، والأملاك الموكلة بهذا كله. ) وَمَا فِى الاْرْضِ ( من البهائم والمياه والجبال والنبات. وقرأ الجمهور :) مِنْهُ (، وابن عباس : بكسر الميم وشد النون ونصب التاء على المصدر. قال أبو حاتم : نسبة هذه القراءة إلى ابن عباس ظلم. وحكاها أبو الفتح، عن ابن عباس، وعبد الله بن عمر، والجحدري، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وحكاها أيضاً عن هؤلاء الأربعة صاحب اللوامح، وحكاها ابن خالويه، عن ابن عباس، وعبيد بن عمير. وقرأ سلمة بن محارب كذلك، إلا أنه ضم التاء، أي هو منه، وعنه أيضاً فتح الميم وشد النون، وهاء الكناية عائد على الله، وهو فاعل سخر على الإسناد المجازي، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي ذلك، أو هو منه. والمعنى، على قراءة الجمهور : أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة عنده، إذ هو موجدها بقدرته وحكمته، ثم سخرها لخلقه. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون يعني منه خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي جميعاً منه، وأن يكون : وما في الأرض، مبتدأ، ومنه خبره. انتهى. ولا يجوز هذان الوجهان إلا على قول الأخفش، لأن جميعاً إذ ذاك حال، والعامل فيها معنوي، وهو الجار والمجرور ؛ فهو نظير : زيد قائماً في الدار، ولا يجوز على مذهب الجمهور.
الجاثية :( ١٤ - ١٧ ) قل للذين آمنوا.....
( قُل لّلَّذِينَ ءامَنُواْ يَغْفِرُواْ ( : نزلت في صدر الإسلام. أمر المؤمنين أن يتجاوزوا عن الكفار، وأن لا يعاقبوهم بذنب، بل يصبرون لهم، قاله السدّي ومحمد بن كعب، قيل : وهي محكمة، والأكثر على أنها منسوخة بآية السيف. يغفروا، في جزمه أوجه للنحاة، تقدّمت في :) قُل لّعِبَادِىَ الَّذِينَ ءامَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ ( في سورة إبراهيم. ) لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ( : أي وقائعه بأعدائه ونقمته منهم. وقال مجاهد : وقيل أيام إنعامه ونصره وتنعيمه في الجنة وغير ذلك. وقيل : لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز. قيل : نزلت قبل آية القتال ثم نسخ حكمها. وتقدم قول ابن عباس أنها نزلت في عمر بن الخطاب ؛ قيل : سبه رجل من الكفار، فهم أن يبطش به، وقرأ الجمهور : ليجزي الله، وزيد بن عليّ، وأبو عبد الرحمن، والأعمش، وأبو علية، وابن عامر، وحمزة، والكسائي : بالنون ؛ وشيبة، وأبو جعفر : بخلاف عنه بالياء مبنياً للمفعول. وقد روي ذلك عن عاصم، وفيه حجة لمن أجاز بناء الفعل للمفعول، على أن يقام المجرور، وهو بما، وينصب المفعول به الصريح، وهو قوماً ؛ ونظيره : ضرب بسوط زيداً ؛ ولا يجير ذلك الجمهور. وخرجت هذه القراءة على أن يكون بني الفعل للمصدر، أي وليجزي الجزاء قوماً. وهذا أيضاً لا يجوز عند