" صفحة رقم ٥٢١ "
قال :( أتدرون ما الكوثر ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم. قال : نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم ) انتهى. قال ذلك عليه الصلاة والسلام عندما نزلت هذه السورة وقرأها.
وقال ابن عباس : الكوثر : الخير الكثير. وقيل لابن جبير : إن ناساً يقولون : هو نهر في الجنة، فقال : هو من الخير الكثير. وقال الحسن : الكوثر : القرآن. وقال أبو بكر بن عباس ويمان بن وثاب : كثرة الأصحاب والأتباع. وقال هلال بن يساف : هو التوحيد. وقال جعفر الصادق : نور قلبه دله على الله تعالى وقطعه عما سواه. وقال عكرمة : النبوّة. وقال الحسن بن الفضل : تيسير القرآن وتخفيف الشرائع. وقال ابن كيسان : الإيثار. وينبغي حمل هذه الأقوال على التمثيل، لا أن الكوثر منحصر في واحد منها. والكوثر فوعل من الكثرة، وهو المفرط الكثرة. قيل لأعرابية رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك ؟ قالت : آب بكوثر. وقال الشاعر : وأنت كثير يا ابن مروان طيب
وكان أبوك ابن العقائل كوثرا
الكوثر :( ٢ ) فصل لربك وانحر
) فَصَلّ لِرَبّكَ وَانْحَرْ ( : الظاهر أن فصل أمر بالصلاة يدخل فيها المكتوبات والنوافل. والنحر : نحر الهدى والنسك والضحايا، قاله الجمهور ؛ ولم يكن في ذلك الوقت جهاد فأمر بهذين. قال أنس : كان ينحر يوم الأضحى قبل الصلاة، فأمر أن يصلي وينحر، وقاله قتادة. وقال ابن جبير : نزلت وقت صلح الحديبية. قيل له : صل وانحر الهدى، فعلى هذا الآية من المدني. وفي قوله :) لِرَبّكِ (، تنذير بالكفار حيث كانت صلاتهم مكاء وتصدية، ونحرهم للأصنام. وعن علي، رضي الله تعالى عنه : صل لربك وضع يمينك على شمالك عند نحرك في الصلاة. وقيل : ارفع يديك في استفتاح صلاتك عند نحرك. وعن عطية وعكرمة : هي صلاة الفجر بجمع، والنحر بمنى. وقال الضحاك : استو بين السجدتين جالساً حتى يبد ونحرك. وقال أبو الأحوص : استقبل القبلة بنحرك.
الكوثر :( ٣ ) إن شانئك هو.....
( إِنَّ شَانِئَكَ ( : أي مبغضك، تقدم أنه العاصي بن وائل. وقيل : أبو جهل. وقال ابن عباس : لما مات إبراهيم ابن رسول الله ( ﷺ ) ) خرج أبو جهل إلى أصحابه فقال : بتر محمد، فأنزل الله تعالى :) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الاْبْتَرُ ). وقال شمر بن عطية : هو عقبة بن أبي معيط. وقال قتادة : الأبتر هنا يراد به الحقير الذليل. وقرأ الجمهور :) شَانِئَكَ ( بالألف ؛ وابن عباس : شينك بغير ألف. فقيل : مقصور من شاني، كما قالوا : برر وبر في بارر وبار. ويجوز أن يكون بناء على فعل، وهو مضاف للمفعول إن كان بمعنى الحال أو الاستقبال ؛ وإن كان بمعنى الماضي فتكون إضافته لا من نصب على مذهب البصريين. وقد قالوا : حذر أموراً ومزقون عرضي، فلا يستوحش من كونه مضافاً للمفعول، وهو مبتدأ، والأحسن الأعرف في المعنى أن يكون فصلاً، أي هو المنفرد بالبتر المخصوص به، لا رسول الله ( ﷺ ) ). فجميع المؤمنين أولاده، وذكره مرفوع على المنائر والمنابر، ومسرود على لسان كل عالم وذاكر إلى آخر الدهر. يبدأ بذكر الله تعالى ويثني بذكره ( ﷺ ) )، وله في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف ( ﷺ ) ) وعلى آله وشرف وكرم.