صفحة رقم ١٠٠
عن اتخاذ الولد وعن قولهم : وافترائهم عليه
( خ ) عن ابن عباس عن النبي ( ﷺ ) قال : قال الله عز وجل :( كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فزعم إني لا أقدر أن أعيده كما كان وأما شتمه إياي، فقوله لي ولد فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولداً ) ) بل له في السموات والأرض ( يعني عبيداً وملكاً فكيف ينسب إليه الولد وهو داخل فيهما.
وقيل : إن الولد لا بد وأن يكون من جنس الوالد والله تعالى منزه عن الشبيه والنظير.
وقيل : إن الولد إنما يتخذ للحاجة إليه والانتفاع به عند عجز الوالد وكبره، والله تعالى منزه عن ذلك كله فإضافة الولد إليه محال ) كل له قانتون ( يعني أن أهل السموات والأرض مطيعون لله ومقرون له بالعبودية، وأصل القنوت لزوم الطاعة مع الخضوع.
وقيل : أصله : القيام ومنه قوله ( ﷺ ) :( أفضل الصلاة طول القنوت ) فعلى هذا يكون معنى الآية كل له قائمون بالشهادة ومقرون له بالوحدانية.
وقيل : قانتون أي مذللون مسخرون لما خلقوا له.
واختلف العلماء في حكم الآية فقال بعضهم : هو خاص ثم سلكوا في تخصيصه طريقين.
أحدهما : قالوا هو راجع إلى عزير والمسيح والملائكة.
والثاني : قال ابن عباس رضي الله عنهما : هو راجع إلى أهل طاعته دون سائر الكفار وذهب جماعة إلى أن حكم الآية عام لأن لفظة كل تقتضي الشمول والإحاطة ثم سلكوا في الكفار طريقين.
أحدهما أن ظلالهم تسجد لله وتطيعه.
والثاني أن هذه الطاعة تكون في يوم القيامة.
ومن ذهب إلى تخصيص حكم الآية أجاب عن لفظة كل بأنها لا تقتضي الشمول والإحاطة بدليل قوله تعالى :( وأوتيت من كل شيء ( " ولم تؤت ملك سليمان فدل على أن لفظة كل لا تقتضي ذلك.
البقرة :( ١١٧ - ١١٩ ) بديع السماوات والأرض...
" بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم " ( قوله عز وجل :( بديع السموات والأرض ( أي خالقها ومبدعها ومنشئها على غير مثال سبق.
وقيل : البديع الذي يبدع الأشياء أي يحدثها مما لم يكن ) وإذا قضى أمراً ( أي قدره وأراد خلقه.
وقيل : إذا أحكم أمراً وحتمه وأتقنه.
وأصل القضاء الحكم والفراغ والقضاء في اللغة على وجوه كلها ترجع إلى انقطاع الشيء وتمامه والفراغ منه ) فإنما يقول له كن فيكون ( أي إذا أحكم أمراً وحتمه فإنما يقول له فيكون ذلك الأمر على ما أراد الله تعالى وجوده.
فإن قلت المعدوم لا يخاطب فكيف قال فإنما يقول له كن فيكون.
قلت : إن الله تعالى عالم بكل ما هو كائن قبل تكوينه وإذا كان كذلك كانت الأشياء التي لم تكن كأنها كائنة لعلمه بها فجاز ان يقول لها : كوني ويأمرها بالخروج من حال العدم إلى حال العدم إلى حال الوجود وقيل اللام في قوله :( له ( لام أجل فيكون المعنى إذا قضى أمراً، فإنما يقول : لأجل تكوينه وإرادته له كن فيكون فعلى هذا يذهب معنى الخطاب.
قوله عز وجل :( وقال الذين لا يعلمون ( قال ابن عباس هم اليهود الذين كانوا في زمن رسول الله ( ﷺ ) وقيل : هم النصارى وقيل : هم مشركو العرب ) لولا ( أي هلا