صفحة رقم ١١٥
المؤمنين في الدين، فكل فريق منهم يزعم أنه أحق بدين الله فقالت اليهود : نبينا موسى أفضل الأنبياء وكتابنا التوراة أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفروا بعيسى والإنجيل ومحمد والقرآن وقالت النصارى كذلك، وقال كل واحد من الفريقين للمؤمنين : كانوا على ديننا فلا دين إلاّ ذلك فأنزل الله عز وجل :( قل ( يعني يا محمد ) بل ملة إبراهيم ( يعني إذا كان لا بد من الاتباع فنتبع ملة إبراهيم لأنه مجمع على فضله ) حنيفاً ( أصله من الحنف وهو ميل واعوجاج يكون في القدم، قال ابن عباس : الحنيف المائل عن الأديان كلها إلى دين الإسلام، قال الشاعر :
ولكنا خلقنا إذ خلقنا
حنيفاً ديننا عن كل دين
والعرب تسمي كل من حج أو اختتن حنيفاً تنبيهاً على أنه على دين إبراهيم، وقيل : الحنيفية الختان وإقامة المناسك مسلماً، يعني أن الحنيفية هي دين الإسلام وهو دين إبراهيم عليه السلام ) وما كان من المشركين ( يعني إبراهيم وفيه تعريض لليهود والنصارى وغيرهم ممن يدعي اتباع ملة إبراهيم وهو على الشرك، ثم علم المؤمنين طرائق الإيمان.
البقرة :( ١٣٦ - ١٣٧ ) قولوا آمنا بالله...
" قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم " ( فقال تعالى :( قولوا آمنا بالله ( يعني قولوا أيها المؤمنون لهؤلاء اليهود والنصارى الذين قالوا لكم : كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا : آمنا بالله أي صدقنا بالله ) وما أنزل إلينا ( يعني القرآن ) وما أنزل إلى إبراهيم ( يعني وآمنا بما أنزل إلى إبراهيم وهو عشر صحائف ) وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ( وهم أولاد يعقوب الاثنا عشر واحدهم سبط وكانوا أنبياء، وقيل : السبط هو ولد الولد وهو الحافد ومنه قيل : للحسن والحسين سبطا رسول الله ( ﷺ ) والأسباط في بني إسرائيل كالقبائل في العرب من بني إسماعيل وكان في الأسباط أنبياء ) وما أوتي موسى ( يعني التوراة ) وعيسى ( يعني الإنجيل ) وما أوتي النبيون من ربهم ( والمعنى آمنا أيضاً بالتوراة والإنجيل والكتب التي أوتي جميع النبيين وصدقنا أن ذلك كله حق وهدى ونور وأن الجميع من عند الله وأن جميع ما ذكر الله من أنبيائه كانوا على هدى وحق ) لا نفرق بين أحد منهم ( أي لا نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر ببعض وكما تبرأت اليهود من عيسى ومحمد ( ﷺ )، وأقرت ببعض الأنبياء وكما تبرأت النصارى من محمد ( ﷺ ) وأقرت ببعض الأنبياء بل نؤمن بكل الأنبياء وأن جميعهم كانوا على حق وهدى ) ونحن له مسلمون ( أي ونحن لله تعالى خاضعون بالطاعة مذعنون له بالعبودية


الصفحة التالية
Icon