صفحة رقم ١١٧
يعني أن لكل أحد جزاء عمله ) ونحن له مخلصون ( أي مخلصوا الطاعة والعبادة له وفيه توبيخ لليهود والنصارى والمعنى وأنتم به مشركون.
والأخلاص أن يخلص العبد دينه، وعمله لله تعالى فلا يشرك في دينه ولا يرائي بعمله، قال الفضيل بن عياض : ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما وهذا الآية منسوخة بآية السيف.
قوله عز وجل :( أم تقولون ( يعني اليهود والنصارى وهو استفهام ومعناه التوبيخ ) إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى ( يعني أتزعمون أن إبراهيم وبنيه كانوا على دينكم وملتكم وإنما حدثت اليهودية والنصرانية بعدهم فثبت كذبكم يا معشر اليهود والنصارى على إبراهيم وبنيه ) قل ( يا محمد ) أأنتم أعلم ( يعني بدينهم ) أم الله ( أي الله أعلم بذلك.
وقد أخبر أن إبراهيم وبنيه لم يكونوا على اليهودية والنصرانية ولكن كانوا مسلمين حنفاء ) ومن أظلم ممن كتم ( يعني أخفى ) شهادة عنده من الله ( وهي علمهم بأن إبراهيم وبنيه كانوا مسلمين وأن محمداً أحق بنعته وصفته وجدوا ذلك في كتبهم وكتموه وجحدوه، والمعنى ومن أظلم ممن كتم شهادة جاءته من عند الله فكتمها وأخفاها ) وما الله بغافل عما تعملون ( يعني من كتمانكم الحق فيما ألزمكم به في كتابه من أن إبراهيم وبنيه كانوا مسلمين حنفاء.
وأن الدين هو الإسلام لا اليهودية والنصرانية، والمعنى وما الله غافل من عملكم بل هو محصية عليكم ثم يعاقبكم عليه في الآخرة.
البقرة :( ١٤١ - ١٤٣ ) تلك أمة قد...
" تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم " ( ) تلك أمة قد خلت ( يعني إبراهيم وبنيه ) لها ما كسبت ( أي جزاء ما كسبت ) ولكم ما كسبتم ( أي جزاء ما كسبتم ) ولا تسألون عما كانوا يعملون ( يعني أن كل إنسان إنما يسأل يوم القيامة عن كسبه وعمله لا عن كسب غيره وعمله، وفيه وعظ وزجر لليهود ولمن يتكل على فضل الآباء، وشرفهم أي لا تتكلوا على فضل الآباء فكل يؤخذ بعمله وإنما كررت هذه الآية لأنه إذا اختلف مواطن الحجاج، والمجادلة حسن تكريره للتذكير به وتأكيده.
وقيل : إنما كرره تنبيهاً لليهود لئلا يغتروا بشرف آبائهم.
قوله عز وجل :( سيقول السفهاء من الناس ( أي الجهال من الناس والسفه خفة في النفس لنقصان العقل في الأمور الدينية والدنيوية، ولا شك أن ذلك في باب الدين أعظم لأن العادل عن الأمر الواضح في أمر دنياه يعد سفيهاً، فمن كان كذلك في أمر دينه، كان أولى بهذا الاسم فلا كافر إلاّ وهو سفيه ولهذا أمكن حمل هذا اللفظ على اليهود والمشركين، والمنافقين فقيل : نزلت هذه الآية في اليهود وذلك أنهم طعنوا في تحويل القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة لأنهم لا يرون النسخ.
وقيل : نزلت في مشركي مكة وذلك أنهم قالوا قد تردد على محمد أمره واشتاق مولده، وقد توجه إلى نحو بلدكم فلعله يرجع إلى دينكم وقيل نزلت في المنافقين وإنما قالوا ذلك استهزاء بالإسلام وقيل : يحتمل أن لفظ السفهاء للعموم فيدخل فيه جميع الكفار والمافقين واليهود ويحتمل وقوع هذا الكلام من كلهم إذ لا فائدة في التخصيص، ولأن الأعداء يبالغون في الطعن والقدح فإذا وجدوا مقالاً قالوا أو مجالاً جالوا ) ما ولاهم ( يعني أي شيء صرفهم ) عن قبلتهم التي كانوا عليها ( يعني بيت المقدس، والقبلة هي الجهة التي يستقبلها الإنسان وإنما سميت قبلة لأن المصلي يقابلها وتقابله ولما قال