صفحة رقم ١٢١
ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون " ( قوله عز وجل :( قد نرى تقلب وجهك في السماء ( سبب نزول هذه الآية أن النبي ( ﷺ ) وأصحابه كانوا يصلون بمكة إلى الكعبة، فلما هاجر إلى المدينة أحب أن يستقبل بيت المقدس يتألف بذلك اليهود وقيل إن الله تعالى أمره بذلك ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إياه، إذا صلّى إلى قبلتهم مع ما يجدون من نعته وصفته في التوراة فصلّى إلى بيت المقدس بعد الهجرة ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، وكان يحب أن يتوجه إلى الكعبة لأنها قبلة أبيه إبراهيم، وقيل : كان يحب ذلك من أجل أن اليهود قالوا : يخالفنا محمد في ديننا ويتبع قبلتنا فقال رسول الله ( ﷺ ) لجبريل : وددت لو حولني الله إلى الكعبة فإنها قبلة أبي إبراهيم فقال : جبريل ( ﷺ ) إنما أنا عبد مثلك وأنت كريم على ربك فسل أنت ربك فإنك عند الله بمكان ثم عرج جبريل رسول الله ( ﷺ ) يديم النظر إلى السماء، رجاء أن ينزل جبريل بما يحب من أمر القبلة فأنزل الله عز وجل قد نرى تقلب وجهك في السماء يعني، تردد وجهك وتصرف نظرك في السماء أي إلى جهة السماء، وهذه الآية وإن كانت متأخرة في التلاوة فهي متقدمة في المعنى لأنها رأس القصة وأول ما نسخ من أحكام الشرع أمر القبلة ) فلنولينك ( أي فلنحولنك ولنصرفنك ) قبلة ( أي ولنصرفنك عن بيت المقدس إلى قبلة ) ترضاها ( أي تحبها وتميل إليها ) فول وجهك شطر المسجد الحرام ( أي نحوه وتلقاءه أراد به الكعبة
( ق ) عن ابن عباس قال : لما دخل النبي ( ﷺ ) البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل حتى خرج منه ولما خرج ركع ركعتين قبل الكعبة وقال هذه القبلة يعني أن أمر القبلة قد استقر على هذا البيت فلا ينسخ بعد اليوم فصلوا إلى الكعبة أبداً فهي قبلتكم
( ق ) عن البراءة بن عازب أن النبي ( ﷺ ) كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده، أو قال أخواله من الأنصار وأنه صلّى قبل بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وأنه صلّى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلّى معه قوم فخرج رجل ممن صلّى معه، فمر على أهل مسجد قباء وهم راكعون فقال أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله ( ﷺ ) قبل الكعبة فداروا كما هم قبل البيت وكانت اليهود قد أعجبتهم إذ ذاك أنه يصلّي قبل بيت المقدس، وهي قبلة أهل الكتاب فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك.
قال البراء في حديثه هذا : وأنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله تعالى :( وما كان الله ليضيع إيمانكم ( " واختلفت العلماء في وقت تحويل القبلة فقال الأكثرون : كان في يوم الاثنين بعد الزوال للنصف من رجب، على رأس سبعة عشر شهراً من مقدم رسول الله ( ﷺ ) المدينة وقيل : كان يوم الثلاثاء لثمانية عشر شهراً وقيل : كان لستة عشر شهراً وقيل : لثلاثة عشر شهراً وقيل : نزلت ورسول الله ( ﷺ ) في مسجد بني سلمة وقد صلّى بأصحابه ركعتين من صلاة الظهر، فتحول في الصلاة واستقبل الميزاب وحول الرجال مكان النساء، والنساء مكان الرجال، فسمّي ذلك المسجد مسجد القبلتين، ووصل الخبر إلى أهل قباء في صلاة الصبح
( ق ) عن ابن عمر قال : بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إن النبي ( ﷺ ) قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.
وقوله تعالى :( وحيثما كنتم ( أي من بر أو بحر مشرق أو مغرب ) فولوا وجوهكم شطره ( اي نحو البيت وتلقاءه، عن أبي هريرة عن النبي ( ﷺ ) قال :( ما بين المشرق والمغرب قبلة ) أخرجه الترمذي.
وقال : حديث حسن صحيح، قيل : أراد بالمشرق مشرق الشتاء في أقصر يوم من السنة وبالمغرب مغرب الصيف في أطول يوم من السنة فمن جعل