صفحة رقم ١٢٢
مغرب الصيف في هذا الوقت عن يمينه ومشرق الشتاء عن يساره كان مستقبلاً للقبلة، وهذا في حق أهل المشرق لأن المشرق الشتوي جنوبي متباعد عن خط الاستواء بمقدار الميل، والمغرب الصيفي شمالي متباعد عن خط الاستواء والذي بينهما فقوسها مكة.
والفرض لمن بمكة في القبلة الميل، والمغرب الصيفي شمالي متباعد عن خط الاستواء والذي بينهما فقوسها مكة.
والفرض لمن بمكة في القبلة إصابة عين الكعبة، ولمن بعد من مكة إصابة الجهة، ويعرف ذلك بدلائل القبلة وليس هذا موضع ذكرها، ولما تحولت القبلة إلى الكعبة قالت اليهود : يا محمد ما هو إلا شيء ابتدعته من تلقاء نفسك فتارة تصلّي إلى بيت المقدس وتارة إلى الكعبة ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن تكون صاحبنا الذي ننتظره فأنزل الله تعالى ) وإن الذين أوتوا الكتاب ( يعني اليهود والنصارى ) ليعلمون أنه الحق من ربهم ( يعني أمر القبلة وتحويلها إلى الكعبة ثم هددهم فقال تعالى :( وما الله بغافل عما يعملون ( يعني وما أنا بساه عما يفعل هؤلاء اليهود، فأنا أجازيهم عليه في الدنيا والآخرة وقرئ تعملون بالتاء.
قال ابن عباس : يريد أنكم يا معشر المؤمنين تطلبون مرضاتي وما أنا بغافل عن ثوابكم وجزائكم فأنا أثيبكم على طاعتكم أفضل الثواب، وأجزيكم أحسن الجزاء.
البقرة :( ١٤٥ ) ولئن أتيت الذين...
" ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين " ( قوله عز وجل :( ولئن أتيت أوتوا الكتاب ( يعني اليهود والنصارى ) بكل آية ( أي بكل معجزة وقيل : بكل حجة وبرهان وذلك بأنهم قالوا : ائتنا بآية على ما تقول فأنزل الله تعالى هذه الآية :( ما تبعوا قبلتك ( يعني الكعبة ) وما أنت بتابع قبلتهم ( يعني أن اليهود تصلي إلى بيت المقدس والنصارى إلى المشرق وأنت يا محمد تصلّي إلى الكعبة.
فكيف يكون سبيل إلى اتباع قبلة أحد هؤلاء مع اختلاف جهاتها فالزم أنت قبلتك التي أمرت بالصلاة إليها ) وما بعضهم بتابع قبلة بعض ( يعني وما اليهود بتابعة قبلة النصارى ولا النصارى بتابعة قبلة اليهود، لأن اليهود والنصارى لا يجتمعون على قبلة واحدة ) ولئن اتعبت أهواءهم ( يعني مرادهم ورضاهم لو رجعت إلى قبلتهم ) من بعد ما جاءك من العلم ( أي في أمر القبلة ومعناه : من بعد ما وصل إليك من العلم بأن اليهود والنصارى مقيمون على باطل، وعناد للحق ) إنك إذاً لمن الظالمين ( يعني أنك إن فعلت ذلك كنت بمنزلة من ظلم نفسه وضرها.
قيل : هذا خطاب للنبي ( ﷺ ) والمراد به الأمة لأنه ( ﷺ ) لا يتبع أهواءهم أبداً.
وقيل : هو خطاب له خاصة فيكون ذلك على سبيل التذكير والتنبيه.
البقرة :( ١٤٦ - ١٤٨ ) الذين آتيناهم الكتاب...
" الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير " ( قوله عز وجل :( الذين آتيناهم الكتاب ( يعني علماء اليهود والنصارى وقيل : أراد


الصفحة التالية
Icon