صفحة رقم ١٣٣
ذلك من أنواع الطاعات.
وقال مجاهد : ومن تطوع خيراً بالطواف بهما وهذا على قول من لا يرى الطواف بهما فرضاً وقيل معناه ومن تطوع خيراً فزاد في الطواف بعد الواجب والقول الأول أولى للعموم ) فإن الله شاكراً ( أي مجاز على الطاعة ) عليم ( أي بنيته وحقيقة الشاكر في اللغة هو المظهر للأنعام عليه والشكر هو تصور النعمة، وإظهارها والله تعالى لا يوصف بذلك لأنه لا يلحقه المنافع والمضار، فالشاكر في صفة الله تعالى مجاز فإذا وصف به أريد به أنه المجازي على الطاعة بالثواب، إلاّ أن اللفظ خرج مخرج التلطف للعباد مظاهرة في الإحسان إليهم.
البقرة :( ١٥٩ - ١٦٣ ) إن الذين يكتمون...
" إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " ( قوله عز وجل :( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ( نزلت في علماء اليهود الذين كتموا صفة محمد ( ﷺ ) وآية الرجم وغيرها من الأحكام التي كانت في التوراة.
وقيل : إن الآية على العموم فيمن كتم شيئاً من أمر الدين لأن اللفظ عام والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبت، ومن قال بالقول الأول، وإنها في اليهود قال : إن الكتم لا يصح إلاّ منهم لأنهم كتموا صفة محمد ( ﷺ ) ومعنى الكتمان ترك إظهار الشيء مع الحاجة إلى بيانه وإظهاره، فمن كتم شيئاً من أمر الدين فقد عظمت مصيبته
( ق ) عن أبي هريرة قال : لولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثت شيئاً ابداً :( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ( وقوله :( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ( " إلى آخر الآيتين، وهل إظهار علوم الدين فرض كفاية أو فرض عين ؟ فيه خلاف والأصح، أنه إذا ظهر للبعض بحيث يتمكن كل واحد من الوصول إليه لم يبق مكتوماً، وقيل : متى سئل العالم عن شيء يعلمه من أمر الدين يجب عليه إظهار وإلاّ فلا ) من بعد ما بيناه للناس في الكتاب ( يعني في التوراة من صفة محمد ( ﷺ ) فعلى هذا يكون المراد بالناس علماء بني إسرائيل، ومن قال : إن المراد بالكتاب جميع ما أنزل الله على أنبيائه من الأحكام قال المراد بالناس العلماء كافة ) أولئك ( يعني الذين يكتمونه ما أنزل الله من البينات والهدى ) يلعنهم الله ( أي يبعدهم من رحمته وأصل اللعن في اللغة الطرد والإبعاد ) ويلعنهم اللاعنون ( قال ابن عباس : جميع الخلائق إلاّ الجن الإنس وذلك أن البهائم تقول إنما منعنا القطر بمعاصي بني آدم.
وقيل : اللاعنون هم الجن والإنس لأنه وصفهم بوصف من يعقل وقيل : ما تلا عن اثنان من المسليمن إلاّ رجعت إلى اليهود والنصارى الذين كتموا صفة محمد ( ﷺ ) ثم استثنى فقال تعالى :( إلاّ الذين تابوا ( أي ندموا على ما فعلوا فرجعوا عن الكفر إلى الإسلام ) وأصلحوا ( يعني الأعمال فيما بينهم وبين الله تعالى ) وبينوا ( يعني ما كتموا من العلم ) فأولئك أتوب عليهم ( أي أتجاوز عنهم أقبل توبتهم ) وأنا التواب ( أي المتجاوز عن عبادي الرجاع بقلوبهم المنصرفة عني إلي ) الرحيم ( يعني بهم بعد إقبالهم علي.
قوله عز وجل :( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ( يعني بهم بعد إقبالهم علي.
قوله عز وجل :( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ( قيل : هذا اللعن يكون يوم القيامة يؤتى بالكافر فيوقف فيلعته الله ثم تلعنه الملائكة ثم يلعنه الناس أجمعون.
فإن قلت : الكافر لا يلعن نفسه ولا يلعنه أهل دينه وملته فما معنى قوله والناس أجمعين.
قلت فيه أوجه : أحدها : أنه أراد بالناس من يعتد بلعنه وهم المؤمنون.
الثاني : أن الكفار يلعن بعضهم بعضاً يوم القيامة.
الثالث : أنهم يلعنون الظالمين والكفار من الظالمين من الظالمين فيكون قد لعن نفسه


الصفحة التالية
Icon