صفحة رقم ١٣٦
صحيح، فكل ريح تختلف مهابها تسمى : نكباء.
وقيل : تصريفها في أحوال مهابها لينة وعاصفة وحارة وباردة وسميت ريحاً لأنها تريح قال ابن عباس : أعظم جنود الله الريح وقيل ما هبت ريح إلاّ لشفاء سقيم أو ضده.
وقيل : البشارة في ثلاث رياح الصبا والشمال والجنوب والدبور : هي الريح العقيم التي أهلكت بها عاد فلا بشارة فيها، والآية في الريح أنها جسم لطيف لا يمسك ولا يرى وهي مع ذلك في غاية القوة تقلع الشجر والصخر وتخرب البنيان العظيم وهي مع ذلك حياة الوجود فلو أمسكت طرفة عين لمات كل ذي روح وأنتن ما على وجه الأرض.
النوع الثامن قوله تعالى :( والسحاب المسخر بين السماء والأرض ( أي الغيم المذلل سمي سحاباً لسرعة سيره كأنه يسحب.
والآية في ذلك أن السحاب مع ما فيه من المياه العظيمة التي تسيل منها الأدوية العظيمة يبقى معلقاً بين السماء والأرض، ففي هذه الأنواع الثمانية المذكورة في هذه الآية دلالة عظيمة على وجود الصانع القادر المختار، وأنه الواحد في ملكه فلا شريك له ولا نظير وهو المراد من قوله :( وإلهكم إله واحد لا إله إلاّ هو ( " وقوله :( لآيات ( أي فيما ذكر من دلائل مصنوعات الدالة على وحدانيته قيل إنما جمع آيات لأن في كل واحد مما ذكر من هذه الآنواع آيات كثيرة تدل على أن لها خالقاً مدبراً مختاراً ) لقوم يعقلون ( أي ينظرون بصفاء عقولهم ويتفكرون بقلوبهم، فيعلمون أن لهذه الأشياء خالقاً ومدبراً مختاراً وصانعاً قادراً على ما يريد.
البقرة :( ١٦٥ ) ومن الناس من...
" ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب " ( قوله عز وجل :( ومن الناس ( يعني المشركين ) من يتخذ من دون الله أنداداً ( يعني أصناماً يعبدونها والند المثل المنازع فعلى هذا الأصنام أنداداً بعضها لبعض وليست أنداداً لله تعالى وتعالى الله أن يكون له ند، أوله مثل منازع وقيل : الأنداد الأكفاء من الرجال وهم رؤساؤهم وكبراؤهم الذين يطيعونهم في معصية الله تعالى :( يحبونهم ( أي يودونهم ويميلون إليهم والحب نقيض البغض وأحببت فلاناً أي جعلته معرضاً بأن تحبه والمحبة الأرادة ) كحب الله ( أي كحب المؤمنين لله والمعنى : يحبون الأصنام كما يحب المؤمنون ربهم عزّ وجلّ.
وقيل : معناه يحبونهم كحب الله فيكون المعنى أنهم يسوون بين الأصنام وبين الله في المحبة فمن قال بالقول الأول لم يثبت للكفار محبة الله تعالى ومن قال بالقول الثاني أثبت للكفار محبة الله تعالى لكن جعلوا الأصنام شركاء له في الحب ) والذين آمنوا أشد حباً لله ( أي أثبت وأدوم على محبته لأنهم لا يختارون مع الله سواه، والمشركون إذا اتخذوا صنماً ثم رأوا آخر أحسن منه طرحوا الأول واختاروا الثاني.
قيل : إن الكفار يعدلون عن أصنامهم في الشدائد ويقبلون إلى الله تعالى كما أخبر عنهم فإذا ركبوا في الفلك


الصفحة التالية
Icon