صفحة رقم ١٤١
أصله من العدوان وهو الظلم ومجاوزة الحد ) فلا إثم عليه ( أي فأكل فلا إثم عليه، أي فلا حرج في أكلها ) إن الله غفور ( أي لما أكله في حال الضرورة ) رحيم ( يعني حيث رخص لعباده في ذلك.
فصل في حكم هذه الآية وفيه مسائل
الأولى في حكم الميتة أجمعت الأمة على تحريم أكل الميتة، وأنها نجسة واستثنى الشرع منها السمك والجراد، أما السمك فلقوله ( ﷺ ) في البحر :( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ) أخرجه الجماعة غير البخاري ومسلم.
قال الترمذي : فيه حديث حسن صحيح.
وأما الجراد فلما روي عن ابن أبي أوفى قال :( غزونا مع رسول الله ( ﷺ ) سبع غزوات، أو ستاً وكنا نأكل الجراد ونحن معه ) أخرجاه في الصحيحين.
واختلف في المسك الميت الطافي على الماء فقال مالك والشافعي لا بأس به وقال أبو حنيفة وأصحابه والحسن بن صالح بن حي إنه مكروه وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال : ما طفى من صيد البحر فلا تأكله وعن ابن عباس وجابر بن عبدالله مثله وروي عن أبي بكر الصديق أبي أيوب إباحته.
واختلف في الجراد، فقال الشافعي وأبو حنيفة : لا بأس بأكل الجراد كله ما أخذته وما وجدته ميتاً.
وروى مالك أن ما وجد ميتاً فلا يحل وما أخذ حياً يذكى زكاة مثله بأن يقطع رأسه ويشوى فإن غفل عنه حتى يموت فلا يحل.
المسألة الثانية في حكم الدم : اتفق العلماء على أن الدم حرام نجس لا يؤكل، ولا ينتفع به.
قال الشافعي : تحرم جميع الدماء سواء كان مسفوحاً أو غير مسفوح.
وقال أبو حنيفة : دم السمك ليس بحرام قال لأنه إذا يبس ابيض واستثنى الشارع من الدم الكبد والطحال.
روى الدارقطني عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عبدالله بن عمر أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( أحل لنا من الدم دمان ومن الميتة ميتتان الحوت والجراد ومن الدم الكبد والطحال ) وفي لفظ آخر :( أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالجراد والحوت، وأما الدمان فالطحال والكبد ) أخرجه ابن ماجه وأحمد بن حنبل.
قال أحمد وعلي بن المديني : عبدالرحمن بن زيد ضعيف.
وأخوه عبدالله بن زيد قوي.
ثقة.
وقد أخرج الدارقطني هذا الحديث من رواية عبدالله بن زيد عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً وضعف أبو بكر بن العربي هذا الحديث وقال : يروى عن عمر بما لا يصح سنده وقال البيهقي : يروى هذا الحديث عن ابن عمر موقوفاً ومرفوعاً والصحيح الموقوف.
واختلف في تخصيص هذا العموم في الكبد والحطال فقال : مالك لا تخصيص لأن الكبد والطحال لحم، ويشهد لذلك العيان الذي لا يفتقر إلى برهان قال الشافعي : هما دمان ويشهد له الحديث فهو تخصيص من العموم.
المسألة الثالثة في الخنزير : أجمعت الأمة على أن الخنزير بجميع أجزائه محرم، وإنما ذكر الله تعالى لحمه لأن معظم الانتفاع متعلق به ثم اختلفوا في نجاسته فقال جمهور العلماء إنه نجس وقال مالك : إنه طاهر.
وكذا كل حيوان عنده، لأن علة الطهارة هي الحياة وللشافعي قولان : في ولوغ الخنزير الجديد أنه كالكلب والقديم يكفي في ولوغه غسلة واحدة.
والفرق بينهما أن التغليظ في الكلب لأن العرب كانت تألفه بخلاف الخنزير.
وقيل : إن التغليظ في الكلب تعبدي لا يعقل معناه فلا يتعدى إلى غيره.
المسألة الرابعة في حكم قوله : وما أهل به لغير الله : من الناس من زعم أن المراد بذلك ذبائح عبدة الأوثان التي كانوا يذبحونها لأصنامهم، وأجاز ذبيحة النصارى إذا سمي عليها باسم المسيح وهو مذهب عطاء ومكحول والحسن والشعبي وسعيد بن المسيب لعموم قوله :( وطعام الذين أوتوا الكتاب