صفحة رقم ١٥٦
( سافرنا مع رسول الله ( ﷺ ) في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ) أخرجاه في الصحيحين.
المسألة الثالثة : اختلف العلماء في قدر السفر المبيح للفطر.
فقال داود : الظاهري أي سفر كان ولو كان فرسخاً.
وقال الأوزاعي : السفر المبيح للفطر مسيرة يوم واحد.
وقال الشافعي وأحمد ومالك : أقلة مسيرة ستة عشر فرسخاً يومان وقال أبو حنيفة وأصحابه أقله مسيرة ثلاثة أيام.
المسألة الرابعة : إذا استهل الشهر وهو مقيم ثم أنشأ السفر في أثنائه جاز له أن يفطر حالة السفر ويجوز له أن يصوم في بعض السفر وأن يفطر في بعضه إن أحب، يدل عليه ما روي عن ابن عباس :( أن رسول الله ( ﷺ ) خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر وأفطر الناس معه، وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله ( ﷺ ) ) أخرجاه في الصحيحين.
والكديد اسم موضع وهو على ثمانية وأربعين ميلاً من مكة.
المسألة الخامسة : اختلفوا في الأفضل : فذهب الشافعي إلى أن الصوم أفضل من الفطر في السفر، وبه قال مالك وأبو حنيفة وقال أحمد الفطر، أفضل من الصوم في السفر، وقالت طائفة من العلماء : هما سواء، وأفضل الأمرين أيسرهما، لقوله تعالى :( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر (.
المسألة السادسة : يبيح الفطر كل سفر مباح ليس سفر معصية ولا يجوز للعاصي بسفره أن يترخص برخص الشرع وقوله تعالى :( فعدة من أيام أخر ( معناه فأفطر فعليه عدة من أيام آخر فظاهر هذا أنه يجوز قضاء الصوم متفرقاً وإن كان التتابع أولى، وفيه أيضاً وجوب القضاء من غير تعيين لزمن القضاء فيدل على جواز التراخي في القضاء ويدل عليه أيضاً ما روي عن عائشة قالت :( كان يكون على الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلاّ في شعبان ذاك من الشغل بالنبي ( ﷺ ) ) أخرجاه في الصحيحين ) يريد الله بكم اليسر ( أي التسهيل في هذه العبادة وهي إباحة الفطر للمسافر والمرض ) ولا يريد بك العسر ( أي قد نفى عنكم الحرج في أمر الدين قيل : ما خير رجل بين أمرين فاختار أيسرهما إلاّ كان أحب إلى الله تعالى :( ولتكملوا العدة ( أي عدد الأيام التي أفطرتم فيها بعذر السفر والمرض والحيض، لتقضوا بعددها : وقيل : أراد عدد


الصفحة التالية
Icon