صفحة رقم ١٦٩
بابتداء القتال ) إن الله لا يجب المعتدين (
البقرة :( ١٩١ - ١٩٣ ) واقتلوهم حيث ثقفتموهم...
" واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين " ( قوله عز وجل :( واقتلوهم حيث ثقفتموهم ( أي حيث وجدتموهم وأدركتموهم في الحل والحرم، وتحقيق القول فيه أن الله تعالى أمر بالجهاد في الآية الأولى بشرط إقدام الكفار على القتال وفي هذه الآية أمرهم بالجهاد معهم سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا واستثنى منه المقاتلة عند المسجد الحرام ) وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ( أي وأخرجوهم من ديارهم كما أخرجوكم من دياركم ) والفتنة أشد من القتل ( يعني أن شركهم بالله أشد وأعظم من قتلكم إياهم في الحرم والإحرام وإنما سمي الشرك بالله فتنة لأنه فساد في الأرض يؤدي إلى الظلم.
وإنما جعل أعظم من القتل لأن الشرك بالله ذنب يستحق صاحبه الخلود في النار وليس القتل كذلك، والكفر يخرج صاحبه من الأمة وليس القتل كذلك فثبت أن الفتنة أشد من القتل ) ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه ( اختلف العلماء في هذه الآية فذهب مجاهد في جماعة من العلماء إلى أنها محكمة وأنه لا يحل أن يقاتل في المسجد الحرام إلاّ من قاتل فيه وهو قوله :( فإن قاتلوكم فاقتلوهم ( أي فقاتلوهم، وثبت في الصحيح عن النبي ( ﷺ ) أنه قال :( إن مكة لا تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم عادت حراماً إلى يوم القيامة ) فثبت بهذا تحريم القتال في الحرم إلاّ أن يقاتلوا فيقاتلوا ويكون دفعاً لهم وذهب قتادة إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله :( اقتلوا المشركين حيث وجدتموه ( " فأمر بقتالهم في الحل والحرم.
وقيل إنها منسوخة بقوله :( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ( ) كذلك جزاء الكافرين فإن انتهوا ( يعني عن القتال.
وقيل عن الشرك والكفر ) فإن الله غفور ( يعني لما سلف ) رحيم ( يعني بعباده حيث لم يعاجلهم بالعقوبة ) وقاتلوهم ( أي وقاتلوا المشركين ) حتى لا تكون فتنة ( أي شرك والمعنى وقاتلوهم حتى يسلموا ولا يقبل من الوثني إلاّ الإسلام والقتل بخلاف الكتابي والفرق بينهما أن أهل الكتاب معهم كتب منزلة فيها شرائع وأحكام يرجعون إليها وإن كانوا قد حرفوا وبدلوا فأمهلهم الله تعالى بحرمة تلك الكتب من القتل وأمر بإصغارهم وأخذ الجزية منهم لينظروا في كتبهم ويتدبروها فيقفوا على الحق منها فيتبعوه كفعل مؤمني أهل الكتاب الذين عرفوا الحق فأسلموا، وأما عبدة الأصنام فلم يكن لهم كتاب يرجعون إليه ويرشدهم إلى الحق فكان إمهالهم زيادة في شركهم وكفرهم فأبى الله عز وجل أن يرضى منهم إلاّ بالإسلام أو القتل ) ويكون الدين لله ( أي الطاعة والعبادة لله وحده فلا