صفحة رقم ٢١٨
المسألة الرابعة : لا يرتفع شيء مما منعه الحيض بانقطاع الدم ما لم تغتسل، أو تتيمم عند عدم الماء إلا الصوم، فإنه إذا انقطع دمها بالليل ونوت الصوم فإنه يصح، وإن اغتسلت في النهار وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجوز للزوج غشيانها إذا انقطع الدم لأكثر الحيض، وهو عشرة أيام عنده قبل الغسل، ومذهب الشافعي وغيره من العلماء أنه لا يجوز للزوج غشيانها ما لم تغتسل من الحيض أو تتيمم عند عدم الماء لأن الله تعالىعلق جواز وطء الحائض بشرطين : أحدهما انقطاع الدم والثاني الغسل فقال :( ولا تقربوهن حتى يطهرن ( يعني من الحيض ) فإذا تطهرن ( يعني اغتسلن ) فأتوهن من حيث أمركم الله ( فدل ذلك على أن الوطء لا يحل قبل الغسل.
وقوله تعالى :( إن الله يحب التوابين ( يعني من الذنوب، والتواب الذي كلما أذنب جدد توبة، وقيل : التواب هو الذي لا يعود إلى الذنب ) ويحب المتطهرين ( يعني من الأحداث وسائر النجاسات بالماء.
وقيل : المتطهرين من الشرك وقيل : هم الذين لم يصيبوا الذنوب.
البقرة :( ٢٢٣ ) نساؤكم حرث لكم...
" نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين " ( قوله عز وجل :( نساؤكم حرث لكم ( الآية
( ق ) عن جابر قال : كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت :( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شتم ( وفي رواية للترمذي كانت اليهود تقول : من أتى المرأة في قبلها من دبرها وذكر الحديث وعن ابن عباس قال : جاء عمر إلى النبي ( ﷺ ) فقال : يا رسول الله هلكت.
قال : وما أهلكك قال : حولت رحلي الليلة قال : فلم يرد عليه شيئاً فأوحى الله إلى رسوله ( ﷺ ) بهذه الآية :( نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم ( أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح.
قوله : حولت رجلي هو كناية عن الإتيان في غير المحل المعتاد هذا ظاهره، ويجوز أن يريد به أنه أتاها في المحل المعتاد لكن من جهة ظهرها.
وعن ابن عباس قال : كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب فكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من شأن أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلا على حرف وذلك أشق ما تكون المرأة، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحاً منكراً ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب أن يصنع بها ذلك فأنكرته عليه.
وقالت : إنا كما نؤتي على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى سرى أمرهما فبلغ ذلك رسول الله ( ﷺ ) فأنزل الله عز وجل :( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ( أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد، أخرجه أبو داود والوثن الصنم.
وقيل : الصورة لا جثة لها.
وقوله : على حرف، الحرف الجانب وحرف كل شيء جانبه وقوله : يشرحون النساء.
يقال شرح فلان جاريته إذا وطئها على قفاها وأصل الشرح البسط وقوله : سرى أمرهما أي ارتفع وعظم وتفاخم وأصله من سرى البرق إذا لج في اللمعان.
عن أم سلمة أن رسول الله ( ﷺ ) قال في قوله تعالى :( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ( في صمام واحد ويروى سمام بالسين أخرجه الترمذي.
وقال حديث حسن وقوله تعالى :( حرث لكم ( معناه مزرع لكم ومنبت للولد، وهذا على سبيل التشبيه فجعل فرج المرأة كالأرض والنطفة كالبذر والولد كالنبات الخارج ) فأتوا حرثكم أنى شئتم ( يعني كيف شئتم وحيث شئتم، إذا كان في القبل والمعنى كيف شئتم