صفحة رقم ٢٢
يومئذ زائل فلا ملك ولا أمر يومئذ إلا الله تعالى كما قال تعالى :( الملك يومئذ الحق للرحمن ( " وقال :( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ( " وقد يسمى في دار الدنيا آحاد الناس بالملك وذلك على المجاز لا على الحقيقة.
قوله تعالى :( إياك نعبد ( رجع من الخبر إلى الخطاب، وفائدة ذلك من أول السورة إلى هنا ثناء والثناء في الغيبة أولى.
ومن قوله : إياك نعبد دعاء والخطاب في الدعاء أولى.
وقيل فيه ضمير أي قولوا : إياك نعبد والمعنى إياك نخص بالعبادة ونوحدك ونطيعك خاضعين لك.
والعبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل، وسمي العبد عبداً لذلته وانقياده.
وقيل : العبادة عبارة عن الفعل الذي يؤدي به الفرض لتعظيم الله تعالى، فقول العبد إياك نعبد معناه لا أعبد أحداً سواك، والعبادة غاية التذلل من العبد ونهاية التعظيم للرب سبحانه وتعالى لأنه العظيم المستحق للعبادة ولا تستعمل العبادة إلا في الخضوع لله تعالى لأنه مولى أعظم النعم وهي إيجاد العبد من العدم إلى الوجود ثم هداه إلى دينه فكان العبد حقيقاً بالخضوع والتذلل به ) وإياك نستعين ( أي منك نطلب المعونة على عبادتك وعلى جميع أمورنا.
فإن قلت : الاستعانة على العمل إنما تكون قبل الشروع فيه فلم أخر الاستعانة على العبادة وما الحكمة فيه ؟.
قلت ذكروا فيه وجوهاً أحدها أن هذا يلزم من يجعل الاستطاعة قبل الفعل ونحن بحمد الله نجعل التوفيق والاستطاعة مع الفعل فلا فرق بين التقديم والتأخير.
الثاني أن الاستعانة نوع تعبد فكأنه ذكر جملة العبادة أولاً ثم ذكر ما هو من تفاصيلها ثانياً.
الثالث كأن العبد يقول شرعت في العبادة فإني أستعين بك على إتمامها فلا يمنعني من إتمامها مانع.
الرابع إن العبد إذا قال إياك نعبد حصل له الفخر وذلك منزلة عظيمة فيحصل بسبب ذلك العجب فأردف ذلك بقوله وإياك نستعين ليزول ذلك العجب الحاصل بسبب تلك العبادة ) اهدنا الصراط المستقيم ( أي أرشدنا، وقيل