صفحة رقم ٢٢١
) ولا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ( اللغو كل ساقط مطرح من الكلام، وما لا يعتد به، وهو الذي يورد لا عن روية وفكر.
واللغو في اليمين هو الذي لا عقد معه كقول القائل : لا والله بلى والله على سبق اللسان من غير قصد ونية وبه قال الشافعي : ويعضده ما روي عن عائشة
البقرة :( ٢٢٥ ) لا يؤاخذكم الله...
" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم " ( قوله تعالى :( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ( في قول الرجل : لا والله وبلى والله أخرجه الترمذي.
موقوفاً ورفعه أبو داود قال : قالت عائشة قال رسول الله ( ﷺ ) :( هو قول الرجل في يمينه كلا والله وبلى والله ) ورواه عنها أيضاً موقوفاً، وقيل : في معنى اللغو هو أن يحلف الرجل على شيء يرى أنه صادق ثم يتبين له خلاف ذلك، وبه قال أبو حنيفة ( ولا كفارة فيه ولا إثم عليه عنده، قال مالك في الموطأ : أحسن ما سمعت في ذلك أن اللغو حلف الإنسان على الشيء يتيقن أنه كذا ثم يوجد بخلافه فلا كفارة فيه.
قال : والذي يحلف على الشيء وهو يعلم أنه فيه آثم كاذب ليرضى به أحداً ويعتذر المخلوق أو يقطع به مالاً، فهذا أعظم من أن تكون فيه كفارة وإنما الكفارة على من حلف أن لا يفعل الشيء المباح له فعله، ثم يفعله أو أن يفعله مثل أن يحلف لا يبيع ثوبه بعشرة دراهم، ثم يبيعه بذلك أو يحلف ليضربن غلامه، ثم لا يضربه، وفائدة الخلاف الذي بين الشافعي وأبي حنيفة في لغو اليمين أن الشافعي لا يوجب الكفارة في قول الرجل، لا والله وبلى والله ويوجبها فيما إذا حلف على شيء يعتقد أنه كان ثم بان أنه لم يكن وأبو حنيفة يحكم بضد ذلك، ومذهب الشافعي هو قول : عائشة والشعبي وعكرمة ومذهب أبي حنيفة هو قول ابن عباس والحسن ومجاهد والنخعي والزهري وسليمان بن يسار وقتادة ومكحول.
وقيل : في معنى اللغو إنه اليمين في الغضب وقيل : هو ما يقع سهواً من غير قصد البتة ومعنى لا يؤاخذكم أي لا يعاتبكم الله بلغو اليمين.
وقيل :( لا يؤاخذكم ( أي لا يلزمكم الكفارة بلغو اليمين ) ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ( يعني لكن يؤاخذكم بما عزمتم عليه وقصدتم له، وكسب القلب هو العقد والنية.
( فصل في بيان حكم الآية : وفيه مسائل )
المسألة الأولى : لا تنعقد اليمين إلا بالله وبأسمائه وصفاته، فأما اليمين بالله فهو كقول الرجل : والذي نفسي بيده والذي أعبده، ونحو ذلك، والحلف بأسمائه كقوله والله والرحمن والرحيم والمهيمن ونحو ذلك والحلف بصفاته كقوله وعزة الله، وقدرته وعظمته ونحوه، فإذا حلف بشيء من ذلك ثم حنث فعليه الكفارة.
المسألة الثانية : لا يجوز الحلف بغير الله كقوله : والكعبة والنبي وأبي ونحو ذلك، فإذا حلف بشيء من ذلك لا تنعقد يمينه ولا كفارة عليه، ويكره الحلف به لما روى عن ابن عمر أن رسول الله ( ﷺ ) أدرك عمر وهو يسير في ركب وهو يحلف بأبيه فقال رسول الله صلى الله


الصفحة التالية
Icon