صفحة رقم ٢٣٠
يجوز للزوج أن يأخذ من المرأة شيئاً عند طلاقها، ثم استثنى الله تعالى حالة مخصوصة فقال :( إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله ( فكانت هذه صريحة في أنه لا يجوز الأخذ في غير حالة الغضب، والخوف من أن لا يقيما حدود الله، وذهب جمهور العلماء إلى أنه يجوز الخلع من غير نشوز ولا غضب، غير أنه يكره لما فيه من قطع الوصلة بلا سبب عن ثوبان أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) أخرجه أبو داود والترمذي.
عن ابن عمر عن النبي ( ﷺ ) قال :( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) أخرجه أبو داود ودليل الجمهور على جواز الخلع من غير نشوز قوله تعالى :( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً ( فإذا جاز لها أن تهب مهرها من غير أن يحصل لها شيء فإذا بذلت كان ذلك في الخلع الذي تصير بسببه مالكة أمر نفسها أولى.
وأجيب عن الاستثناء المذكور في هذه الآية أنه محمول على الاستثناء المنقطع.
المسألة الثانية : الخلع جائز على أكثر مما أعطاها وبه قال أكثر العلماء، وقال بعضهم : لا يجوز أن يأخذ أكثر مما أعطاها وهو قول علي، وبه قال الزهري والشعبي والحسن وعطاء وطاووس وقال سعيد بن المسيب : بل يأخذ دون ما أعطاها حتى يكون الفضل فيه وحجة الجمهور أن الخلع عقد على معاوضة، فوجب أن لا يقيد بمقدار معين كما أن للمرأة أن لا ترضى عند عقد النكاح إلا بالكثير فكذلك للزوج أن لا يرضى عند الخلع إلا بالبذل الكثير، لا سيما وقد أظهرت الاستخفاف بالزوج حيث أظهرت بغضه وكراهته.
المسألة الثالثة : اختلف العلماء في الخلع هل هو فسخ أو طلاق ؟ فقال الشافعي في القديم : إنه فسخ وهو قول ابن عباس وطاوس وعكرمة.
وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور وقال الشافعي في الجديد : إنه طلاق وهو الأظهر وهو قول عثمان وابن مسعود والحسن والشعبي والنخعي وعطاء وابن المسيب ومجاهد ومكحول والزهري، وبه قال أبو حنيفة ومالك وسفيان الثوري.
وحجة القول القديم أن الله تعالى ذكر الطلاق مرتين ثم ذكر بعده الخلع ثم ذكر الطلقة الثالثة.
البقرة :( ٢٣٠ ) فإن طلقها فلا...
" فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون " ( ) فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ( ولو كان الخلع طلاقاً لكان الطلاق أربعاً وحجة القول الجديد أنه لو كان فسخاً لما صح بالزيادة على المهر المسمى كالإقالة في البيع وأيضاً لو كان الخلع فسخاً فإذا خالعها ولم يذكر مهراً وجب أن يجب المهر عليها كالإقالة، فإن الثمن يجب رده وإن لم يذكره فثبت أن الخلع ليس بفسخ وإذا بطل ذلك ثبت أنه طلاق وأيضاً فإن الطلقة الثالثة قوله : أو تسريح بإحسان.
وفائدة الخلاف أنا إذا جعلناه طلاقاً ينقص به عدد الطلاق فإن تزوجها بعده كانت معه على طلقتين وإن جعلناه فسخاً بانت منه بثلاث.
قوله تعالى :