صفحة رقم ٢٣١
) تلك حدود الله ( يعني هذه أوامر الله ونواهيه وهو ما تقدم من أحكام الطلاق والرجعة والخلع وحدود الله ما منع من مجاوزتها وهو قوله :( فلا تعتدوها ( أي فلا تجاوزها ) ومن يتعد حدود الله ( أي يجاوزها ) فأولئك هم الظالمون ( قوله عز وجل :( فإن طلقها ( يعني الطلقة الثالثة ) فلا تحل له من بعد ( أي لا تحل له رجعتها بعد الثلاث ) حتى تنكح زوجاً غيره ( يعني حتى تتزوج زوجاً آخر غير المطلق فيجامعها، والنكاح يتناول العقد والوطء جميعاً والمراد هنا الوطء، نزلت في تميمة وقيل : عائشة بنت عبدالرحمن بن عتيك القرظي وكانت تحت ابن عمها رفاعة بن وهب بن عتيك القرظي فطلقها ثلاثاً
( ق ) عن عائشة قالت :( جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله ( ﷺ ) فقالت إني كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبدالرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب فتبسم رسول الله ( ﷺ ) وقال :( أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته ( قولها : فبت طلاقي أي قطعة والبت القطع وقولها : مثل هدبة الثوب أي طرفة وهو كناية عن استرخاء الذكر قوله : حتى يذوق عسيلتك بضم العين تصغير العسل شبة لذة الجماع بالعسل وهو كناية عنه وإنما أنث العسل لأن من العرب من يؤنثه، وقيل : أنثه حملاً له على المعنى، لأن المراد منه النطفة، وعبدالرحمن المذكور هو عبدالرحمن بن الزبير بفتح الزاي وكسر الباء مشددة، وروي أنها لبثت ما شاء الله ثم رجعت إلى رسول الله ( ﷺ ) فقالت : إن زوجي قد مسني فقال لها النبي ( ﷺ ) :( كذبت بقولك الأول فلن أصدقك في الآخر (، فلبثت حتى قبض رسول الله ( ﷺ ) فأتت أبا بكر فقالت يا خليفة رسول الله ( ﷺ ) أرجع إلى زوجي الأول فإن زوجي الآخر قد مسني وطلقني، فقال لها أبو بكر : قد شهدت رسول الله ( ﷺ ) حين أتيته وقال له ما قالت لك ما قال فلا ترجعي إليه، فلما قبض أبو بكر أتت عمر وقالت له ما قالت لأبي بكر فقال لها : لئن رجعت إليه لأرجمنك.
قوله تعالى :( فإن طلقها ( يعني الزوج الثاني بعد وطئها ) فلا جناح عليهما ( يعني على المرأة والزوج الأول ) أن يتراجعا ( يعني بنكاح جديد ) إن ظنا ( أي علما وأيقنا وقيل : إن رجوا لأن أحداً لا يعلم ما هو كائن إلاّ الله تعالى :( أن يقيما حدود الله ( يعني يقيما بينهما الصلاح وحسن العشرة والصحبة وقيل : معناه إن علما أن نكاحها على غير دلسة، والمراد بالدلسة التحليل.
فرعان : الأول : مذهب جمهور العلماء أن المطلقة بالثلاث لا تحل للزوج المطلقة منه بالثلاث إلاّ بشرائط، وهي أن تعتد منه ثم تتزوج بزوج آخر ويطأها، ثم يطلقها، ثم تعتد منه، فإذا