صفحة رقم ٢٣٢
حصلت هذه الشرائط فقد حلت للأول وإلاّ فلا، وقال سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب : تحل بمجرد العقد والمذهب الأول هو الأصح، واختلف العلماء في اشتراط الوطء هل ثبت بالكتاب أو بالسنة ؟ على ثلاثة أقوال : الثالث وهو المختار أنه ثبت بهما ( الثاني ) إذا تزوج بالمطلقة ثلاثة ليحلها للأول فهذا نكاح باطل وعقد فاسد وبه قال : مالك وأحمد لما روي عن ابن مسعود عن النبي ( ﷺ ) :( أنه لعن المحلل والمحلل له ) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وروي أنه قال هو التيس المستعار ولو تزوجها ولم يشترط في النكاح أنه يفارقها فالنكاح صحيح ويحصل به التحليل إذا طلقها وانقضت العدة غير أنه يكره إذا كان في عزمها ذلك، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة، ودليل ذلك أن الآية دلت على أن الحرمة تنتهي بوطء مسبوق بعقد وقد وجد ذلك فوجب القول بانتهاء الحرمة، وقال نافع :( أتى رجل إلى ابن عمر فقال : إن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً فانطلق أخ له من غير مؤامرة فتزوجها ليحلها للأول فقال : لا إلاّ نكاح رغبة، كنا نعد هذا سفاحاً على عهد رسول الله ( ﷺ ) ) وقوله تعالى :( وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون ( يعني يعلمون ما أمرهم به ونهاهم عنه، وإنما خص العلماء لأنهم هم الذين ينتفعون بذلك البيان.
البقرة :( ٢٣١ ) وإذا طلقتم النساء...
" وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم " ( قوله عز وجل :( وإذا طلقتم النساء ( نزلت في ثابت بن يسار رجل من الأنصار طلق امرأته حتى إذا قرب انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها يقصد بذلك مضارَّتها ) فبلغن أجلهن ( أي قاربن انقضاء عدتهن وشارفن منتهاها، ولم يرد انقضاء العدة لأنه لو انقضت عدتها لم يكن للزوج إمساكها فالبلوغ هنا بلوغ مقاربة كما يقال : بلغ فلان البلد إذا قاربه وشارفه، فهذا من باب المجاز الذي يطلق اسم الكل فيه على الأكثر.
وقيل إن الأجل اسم للزمان فيحمل على الزمان الذي هو آخر زمان يمكن إيقاع الرجعة، فيه بحيث إذا فات لا يبقى بعده مكنة إلى الرجعة وعلى هذا التأويل فلا حاجة لنا إلى المجاز ) فأمسكوهن ( أي راجعوهن ) بمعروف ( وهو أن يشهد على رجعتها وأن يراجعها بالقول لا بالوطء ) أو سرحوهن بمعروف ( أي اتركوهن حتى تنقضي عدتهم فيملكن أنفسهن ) ولا تمسكوهن ضراراً ( أي لا تقصدوا بالرجعة المضارة بتطويل الحبس.
وقيل : كانوا يضاروهن لتفتدي المرأة منه بمالها ) لتعتدوا ( أي لتظلموهن بمجاوزتكم في أمورهن حدود الله التي بينها لكم.
وقيل معناه : لا تضاروهن على قصد الاعتداء عليهن ) ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ( أي ضر نفسه بمخالفة أمر الله وتعريضها عذاب الله ) ولا تتخذوا آيات الله هزواً ( يعني