صفحة رقم ٢٣٣
بذلك ما بين من حلاله وحرامه وأمره ونهيه في وحيه وتنزيله، فلا تتخذوا ذلك استهزاءً ولعباً، فمن وجب عليه طاعة الله وطاعة رسوله ثم وصل إليه هذه الأحكام التي تقدم ذكرها في العدة والرجعة والخلع وترك المضارة فلا يتخذها هزواً، ففيه تهديد عظيم ووعيد شديد، وقيل : هو راجع إلى قوله فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فكل من خالف أمراً من أمور الشرع فهو متخذ آيات الله هزواً.
وقيل : كان الرجل يطلق ويعتق ويتزوج ويقول كنت لاعباً فنهوا عن ذلك.
عن أبي هريرة أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( ثلاث جدهن جد وهزلهن جد : النكاح والطلاق والرجعة ) أخرجه أبو داود والترمذي.
وقوله تعالى :( واذكروا نعمة الله عليكم ( يعني بالإيمان الذي أنعم به الله عليكم فهداكم له وسائر نعمه التي أنعم بها عليكم ) وما أنزل عليكم ( أي واذكروا نعمته فيما أنزله عليكم ) من الكتاب ( يعني القرآن ) والحكمة ( يعني السنة التي علمها رسول الله ( ﷺ ) وسنها لكم.
وقيل : المراد بالحكمة مواعظ القرآن ) يعظكم به ( أي بالكتاب الذي أنزله على نبيه ( ﷺ ) ) واتقوا الله ( يعني خافوا الله فيما أمركم ونهاكم عنه ) واعلموا أن الله بكل شيء عليم ( يعني أن الله تعالى يعلم ما أخفيتم من طاعة ومعصية في سر وعلن لا يخفى عليه شيء من ذلك.
البقرة :( ٢٣٢ ) وإذا طلقتم النساء...
" وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون " ( قوله عز وجل :( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن ( نزلت في معقل بن يسار المزني عضل أخته جميلة، وكانت تحت أبي القداح عاصم بن عدي فطلقها معقل بن يسار قال : كانت لي أخت تخطب إلي وأمنعها من الناس فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه فاصطحبا ما شاء الله ثم طلقها طلاقاً له رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها، فلما خطبت إلي أتاني يخطبها مع الخطاب، فقلت له : خطبت إلي فمنعتها الناس وآثرتك بها فزوجتك ثم طلقتها طلاقاً لك فيه رجعة، ثم تركتها حتى انقضت عدتها، فلما خطبت إلي أتيتني تخطبها مع الخطاب والله لا أنكحها لك أبداً، ففي ذلك نزلت هذه الآية :( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ( الآية، فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه أخرجه البخاري، وقيل إن جابر بن عبدالله كانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة، فلما انقضت عدتها أراد أن يرتجعها فأبى جابر وقال : طلقت ابنة عمنا ثم تريد أن تنكحها الثانية، وكانت المرأة تريد زوجها قد رضيته فنزلت هذه الآية : وأراد ببلوغ الأجل في قوله ) فبلغن أجلهن ( انقضاء العدة بخلاف الآية التي قبل هذه الآية.
قال الشافعي : دل اختلاف الكلامين على افتراق البلوغين ) فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ( خطاب للأولياء، والمعنى لا تضيقوا عليهن أيها الأولياء، فتمنعوهن من مراجعة أزواجهن بنكاح جديد تبتغون بذلك مضارتهن فهو خطاب عام لجميع الأولياء، وإن كان سبب الآية خاصاً.
وأصل العضل المنع والتضييق ومنه قول أوس بن حجر :
وليس أخوك الدائم العهد بالذي
يذمك إن ولى ويرضيك مقبلا