صفحة رقم ٣٢٢
فرسوخهم في العلم هو الإيمان به.
وقال عمر بن عبدالعزيز في هذه الآية انتهى علم الراسخين في العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا آمنا به ) كل من عند ربنا ( يعني المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ وما علمنا منه وما لم نعلم ونحن معتبدون في المتشابه بالإيمان به، ونكل معرفته إلى الله تعالى.
وفي المحكم يجب علينا الإيمان به والعمل بمقتضاه.
وروي عن ابن عباس أنه قال تفسير القرآن على أربعة أوجه فمنه تفسير لا يسع أحداً جهله، وتفسير تعرفه العرب بألسنتها، وتفسير تعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلاّ الله.
وقيل : إن الواو في قوله والراسخون في العلم واو عطف يعني أن تأويل المتشابه يعلمه الله ويعلمه الراسخون في العلم وهم مع علمهم يقولون آمنا به.
وري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول : أنا من الراسخين في العلم وعن مجاهد عنه أنا ممن يعلم تأويله.
ووجه هذا القول أن الله تعالى أنزل كتابه لينتفع به عباده ولا يجوز أن يكون في القرآن شيء لا يعرفه أحد من الأمة وفي المراد بالراسخين في العلم هنا قولان أحدهما : أنهم مؤمنوا أهل الكتاب مثل عبدالله بن سلام وأصحابه دليله قوله تعالى :( لكن الراسخون في العلم منهم ( " والقول الثاني : أن الراسخين هم العلماء العاملون بعلمهم.
سئل انس بن مالك عن الراسخين في العلم فقال : العالم العامل بما علم المتبع له وقيل، الراسخ في العلم من وجد في علمه أربعة أشياء التقوى فيما بينه وبين الله تعالى، والتواضع فيما بينه وبين الناس، والزهد فيما بينه وبين الدنيا، والمجاهد فيما بينه وبين النفس ) وما يذكر إلاّ أولو الألباب ( أي وما يتعظ بما في القرآن إلاّ ذوو العقول وهذا ثناء من الله عز وجل على الذين قالوا آمنا به كل من عند ربنا.
آل عمران :( ٨ - ١١ ) ربنا لا تزغ...
" ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب " ( وجل :( ربنا لا تزغ قلوبنا ( أي ويقول الراسخون في العلم : ربنا لا تزغ قلوبنا أي لا تملها عن الحق والهدى كما أزغت قلوب الذين في قلوبهم زيع ) بعد إذ هديتنا ( أي وفقتنا لدينك والإيمان بالمحكم والمتشابه من كتابك ) وهب لنا من لدنك رحمة ( أي أعطنا توفيقاً وتثبيتاً للذي نحن عليه من الإيمان والهدى وقيل : هب لنا تجاوزاً ومغفرة ) إنك أنت الوهاب ( الهبة