صفحة رقم ٣٢٣
العطية الخالية عن الأعواض والأغراض والوهاب في صفة الله تعالى أنه يعطي كل أحد على قدر استحقاقه.
( م ) عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن سمع رسول الله ( ﷺ ) يقول :( قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء ) ثم قال رسول الله ( ﷺ ) :( اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ) هذا من أحاديث الصفات وللعلماء فيه قولان أحدهما : الإيمان به وإمراره كما جاء، من غير تعرض لتأويل ولا تكييف ولا لمعرفة معناه بل نؤمن به كما جاء وأنه حق ونكل علمه إلى مراد الله ورسوله ( ﷺ ) هذا القول هو مذهب أهل السنة من سلف الأمة وخلفها من أهل الحديث وغيرهم.
والقول الثاني إنه يتأول بحسب ما يليق به وأن ظاهره غير مراد قال تعالى :( ليس كمثله شيء ( " فعلى هذا المراد هو المجاز كما يقال فلان في قبضتي وفي كفي يريد أنه تحت قدرته وفي تصرفه إلاّ أنه حال في كفه فمعنى الحديث أنه سبحانه وتعالى متصرف في قلوب عباده وغيرها كيف شاء لا يمتنع عليه من شيء إلاّ يفوته ما أراد منها كما لا يمتنع على الإنسان ما بين أصبعيه فخاطب رسول الله ( ﷺ ) أصحابه بما يفهمونه ويعلمونه من أنفسهم، وإنما ثنى لفظ الأصبعين والقدرة واحدة لأنه جرى على المعهود من التمثيل بحسب ما اعتادوه وإن كان غير مقصود به التثنية أو الجمع، وهذا مذهب جمهور المتكلمين وغيرهم من المتأخرين.
وإنما خص القلوب بالذكر لفائدة وهي أن الله تعالى جعل القلوب، محلاً للخواطر والإرادات والنيات وهي مقدمات الأفعال ثم جعل سائر الجوارح تابعة للقلوب في الحركات والسكنات والله أعلم.
قوله عز وجل :( ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ( أي ليوم القضاء.
وقيل : اللام بمعنى في أي يوم لا ريب فيه أي لا شك فيه أنه كائن وهو يوم القيامة ) إن الله لا يخلف الميعاد ( هذا من بقية دعاء الراسخين في العلم، وذلك أنهم طلبوا من الله تعالى أن يصرف قلوبهم عن الزيغ وأن يخصهم بالهداية والرحمة وذلك من مصالح الدين والدنيا ثم إنهم اتبعوا ذلك بقولهم :( ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ( ومعناه إنا نعلم أنك جامع الناس للجزاء في يوم القيامة، ونعلم أن وعدك حق، وأنك لا تخلف الميعاد فمن أزغت قلبه فهو هالك، ومن مننت عليه بالهداية والرحمة فهو ناج من العذاب سعيد.
قوله عز وجل :( إن الذين كفروا ( يعني برسول الله ( ﷺ ) قال ابن عباس : هم قريظة والنضير ) لن تغني ( أي لن تنفع ولن تدفع ) عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً ( أي من عذاب الله شيئاً وقيل : من بمعنى عند أي عند الله شيئاً ) وأولئك هم وقود النار كدأب آل فرعون ( قال ابن عباس : كفعل آل فرعون وصنيعهم في الكفر.
وقيل : كسنة آل وقيل كعادة آل فرعون والمعنى أن عادة هؤلاء الكفار في تكذيب رسول الله ( ﷺ ) وجحود الحق كعادة آل فرعون فإنهم كذبوا موسى وصدقوا فرعون ) والذين من قبلهم ( يعني كفار الأمم الماضية مثل عاد وثمود وغيرهم ) كذبوا بآياتنا ( يعني لما جاءتهم بها الرسل ) فأخذهم الله بذنوبهم ( أي فعاقبهم الله بسبب تكذيبهم ) والله شديد العقاب ( وقيل في معنى الآية : إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم عند حلول النقمة والعقوبة مثل آل فرعون وكفار الأمم الخالية فأخذناهم