صفحة رقم ٣٢٩
) شهد الله أنه لا إله إلا هو } " قيل سبب نزول الآية أن حبرين من أحبار الشام قدما على النبي ( ﷺ ) فلما أبصر المدينة قال أحدهما لصاحبه : ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي ( ﷺ ) الذي خرج في آخر الزمان، فلما دخلا على النبي ( ﷺ ) عرفاه بالصفة فقالا له : أنت محمد ؟ قال : نعم، قالا وأنت أحمد ؟ قال : نعم.
قالا فإنا نسألك عن شيء : فإن أنت أخبرتنا به آمنا بك وصدقناك قال : اسألاني قالا : فأخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله عز وجل، فأنزل الله هذه الآية فأسلم الحبران.
وقيل : إن هذه الآية نزلت في نصارى نجران فيما ادعوا في عيسى عليه السلام فقوله تعالى : شهد الله يعني بيّن الله وأظهر لأن معنى الشهادة تبيين وإظهار.
وقيل : معنى شهد الله حكم الله وقضى.
وقيل : معناه أعلم الله أنه لا إله إلاّ هو وذلك بيان الدلائل لما أمكن التوصل إلى معرفة الوحدانية، فهو تعالى أرشد عباده إلى معرفة توحيده بما بين من عجائب مصنوعاته وغرائب مبتدعاته سئل بعض الأعراب ما الدليل على وجود الصانع ؟ فقال : إن البعرة تدل على البعير، وآثار القدم تدل على الميسر فهيكل علوي بهذه اللطافة ومركز سفلي بهذه الكثافة أما يدلان على وجود الصانع الخبير.
قال ابن عباس : خلق الله تعالى الأرواح قبل الأجساد بأربعة آلاف سنة، وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنة، فشهد لنفسه بنفسه قبل أن خلق الخلق كان ولم تكن سماء ولا أرض ولا بر ولا بحر، فقال تعالى : شهد الله أنه لا إله إلا هو ) والملائكة } " أي وشهد الملائكة فمعنى شهادة الله تعالى الإخبار والإعلام ومعنى شهادة الملائكة والمؤمنين الإقرار والاعتراف بأنه لا إله إلاّ هو، ولما كان واحد من هذين الأمرين يسمى شهادة حسن إطلاق لفظ الشهادة عليهما ) وأولو العلم } " أي وشهد أولوا العلم بأنه لا إله إلا هو، واختلفوا في أولي العلم فقيل : هم الأنبياء عليهم السلام لأنهم أعلم الخلق بالله تعالى وقيل : هم علماء أصحاب رسول الله ( ﷺ ) من المهاجرين والأنصار وقيل : هم علماء مؤمني أهل الكتاب مثل عبدالله بن سلام وأصحابه، وقيل : هم علماء جميع المؤمنين ) قائماً بالقسط } " أي بالعدل نصب على الحال والقطع أو المدح ومعناه أنه تعالى قائم بتدبير خلقه كما يقال : فلان قائم بأمر فلان يعني أنه مدبر له ومتعهد له ومتعهد لأسبابه، وفلان قائم بحق فلان، أي أنه مجاز له فالله مدبر أمر خلقه وقائم بارزاقهم ومجاز لهم بأعمالهم ) لا إله إلا هو } " إنما كرره للتأكيد، وقيل إن الأول وصف وتوحيد والثاني رسم وتعليم أي قولوا لا إله إلاّ هو.
وقيل فائدة تكرارها الإعلام بأن هذه الكلمة أعظم الكلام وأشرفه فيه حث للعباد على تكريرها والاشتغال بها، فإنه من اشتغل بها فقد اشتغل بأفضل العبادات ) العزيز } " أي الغالب الذي لا يقهر ) الحكيم } " يعني في جميع أفعاله ) إن الدين عند الله الإسلام } " يعني أن الدين المرضى عند الله هو الإسلام كما قال تعالى :( ورضيت


الصفحة التالية
Icon