صفحة رقم ٣٣٧
ويجازيكم به، ) ويعلم ما في السموات والأرض ( يعني أنه تعالى إذا كان لا يخفى عليه شيء في السموات ولا في الأرض فكيف يخفى عليه حالكم وموالاتكم الكفار وميلكم إليهم بقلوبكم ) والله على كل شيء قدير، يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً ( يعني تجد كل نفس جزاء ما عملت محضراً ما عملت محضراً يوم القيامة لم ينقص ولم يبخس منه شيء، ) وما عملت من سوء ( أي تجد ما عملت من الخير محضراً فتسر به وما عملت من سوء ) تود ( أي تتمنى ) لو أن بينها وبينه ( أي وبين ما عملت من السوء ) أمداً بعيداً ( أي مكاناً بعيداً قيل : كما بين المشرق والمغرب والأمد الأجل والغاية، وقيل معناه تود أنها لم تعمله ويكون بينها وبينه أمد بعيد ) ويحذركم الله نفسه ( إنما كرره لتأكيد الوعيد ) والله رؤوف بالعباد ( قيل : معناه أنه رؤوف بهم حيث حذرهم نفسه وعرفهم كمال قدرته وعلمه، وأنه يمهل ولا يهمل.
وقيل : معناه أنه رؤوف بالعباد حيث أمهلهم للتوبة ولتدارك العمل الصالح.
وقيل : إنه تعالى لما قال : ويحذركم الله نفسه وهو وعيد أتبعه بقوله والله رؤوف بالعباد، وهو وعد ليعلم المؤمن أن رحمته ووعده غلبت وعيده وسخطه.
آل عمران :( ٣١ - ٣٢ ) قل إن كنتم...
" قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين " ( قوله عز وجل :( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ( نزلت في اليهود والنصارى حيث قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه فنزلت هذه الآية، فعرضها رسول الله ( ﷺ ) عليهم فلم يقبلوها.
وقال ابن عباس : وقف رسول الله ( ﷺ ) على قريش وهم في المسجد الحرام وقد نصبوا أصنامهم وعلقوا عليها بيض النعام وجعلوا في آذانهم الشنوف وهم يسجدون لها فقال : يا معشر قريش والله لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل فقالت قريش : إنما نعبدها حباً لله لتقربنا إلى الله زلفى فنزلت هذه الآية.
وقيل : إن نصارى نجران قالوا : إنما نقول هذا القول في عيسى حباً لله وتعظيماً له فأنزل الله ) قل يا محمد إن كنتم تحبون الله ( " فيما تزعمون فاتبعوني يحببكم الله لأنه قد ثبتت نبوة محمد ( ﷺ ) بالدلائل الظاهرة والمعجزات الباهرة فوجب على كافة الخلق متابعته.
والمعنى قل : إن كنتم صادقين في ادعاء محبة الله فكونوا منقادين لأوامره مطيعين له فاتبعوني، فإن اتباعي من محبة الله تعالى وطاعته.
وقال العلماء : إن محبة العبد لله عبارة عن إعظامه وإجلاله وإيثار طاعته واتباع أمره ومجانبة نهيه، ومحبة الله للعبد ثناؤه عليه ورضاه عنه وثوابه له وعفوه عنه فذلك قوله تعالى :( ويغفر لكم ذنوبكم ( يعني أن من غفر له فقد أزال عنه العذاب ) والله غفور رحيم ( يعني أنه تعالى يغفر ذنوب من أحبه ويرحمه بفضله وكرمه، ولما نزلت هذه الآية قال عبدالله بن أبي سلول رأس المنافقين لأصحابه : إن محمداً يجعل طاعته كطاعة الله ويأمرنا أن


الصفحة التالية
Icon