صفحة رقم ٣٤٤
عيسى عليه السلام.
وقيل : إن أم يحيى لقيت أم عيسى وهما حاملتان فقالت أم يحيى لأم عيسى : يا مريم أشعرت أني حامل فقالت مريم : وأنا أيضاً حامل فقالت أم يحيى : يا مريم إني لأجد ما في بطني يسجد لما في بطنك فذلك قوله : مصدقاً بكلمة من الله يعني أن يحيى آمن بعيسى وصدق به ) وسيداً ( من ساد يسود.
والسيد هو الرئيس الذي يتبع وينتهي إلى قوله.
وكان يحيى عليه السلام سيد المؤمنين ورئيسهم في الدين والعلم والحلم.
وقيل : السيد هو الحسن الخلق وقيل : هو الذي يطيع ربه وقيل : هو الفقيه العالم وقيل : سيداً في العلم والعبادة والورع وقال السيد هو الحليم الذي لا يغضبه شيء وقيل : السيد هو الذي يفوق في جميع خصال الخير.
وقيل : هو السخي قال رسول الله ( ﷺ ) :( من سيدكم يا بني سلمة ؟ قالوا : جد بن قيس على أنا نبخله قال وأي داء أدوأ من البخل لكن سيدهم عمرو بن الجموح ) ) وحصوراً ( قال ابن عباس وغيره من المفسرين : الحصور الذي لا يأتي النساء ولا يقربهن فعلى هذا هو فعول بمعنى فاعل يعني أنه حصر نفسه عن الشهوات وأصله من الحصر وهو الحبس : وقيل : هو العنين وقيل هو الفقير الذي لا مال له فيكون الحصور بمعنى المحصور يعني الممنوع من النساء.
قال سعيد بن المسيب : كان له مثل هدبه الثوب وقد تزوج مع ذلك ليغض بصره وفيه قول آخر : وهو أن الحصور هو الممتنع عن الوطء مع القدرة عليه، وإنما تركه للعفة والزهد فيه وهذا القول هو الصحيح وهو قول جماعة من المحققين وهو أليق بمنصب الأنبياء لأن الكلام إنما خرج مخرج المدح والثناء وذكر صفة النقص في معرض المدح لا يجوز، وأيضاً فإن منصب النبوة يجل من أن يضاف إلى أحد منهم نقص أو آفة، فحمل الكلام على منع النفس من الوطء مع القدرة عليه أولى من حمله على ترك الوطء مع العجز عنه ) ونبياً من الصالحين ( يعني أنه من أولاد الأنبياء الصالحين.
آل عمران :( ٤٠ ) قال رب أنى...
" قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء " ( قوله عز وجل :( قال ( يعني زكريا ) رب ( أي يا رب قيل خطاب مع جبريل لأن الآية المتقدمة دلت على أن الذين نادوهم الملائكة فعلى هذا القول يكون الرب هنا بمعنى السيد والمربي أي يا سيدي، وقيل : إنه خطاب مع الله تعالى فيكون الرب بمعنى المالك، وذلك أن الملائكة لما بشروه بالولد تعجب ورجع في إزالة ذلك التعجب إلى الله تعالى فقال رب ) أنى يكون لي غلام ( يعني من أين يكون وكيف يكون لي غلام ) وقد بلغني الكبر ( قيل : هو من المقلوب ومعناه وقد بلغت الكبر وشخت.