صفحة رقم ٣٥
بالشام، ولا يكون كاهن إلاّ ومعه شيطان تابع لهم، وقيل لهم رؤساؤهم الذين شابهوا الشياطين في تمردهم ) قالوا إنا معكم ( أي على دينكم ) إنما نحن مستهزئون ( أي بمحمد وأصحابه بما نظهر لهم من الإسلام لنأمن شرهم ونقف على سرهم ونأخذ من غنائمهم وصدقاتهم.
قال ابن عباس نزلت هذه الآية في عبدالله بن أبي وأصحابه، وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله ( ﷺ ) فقال عبدالله بن أبي لأصحابه انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم ؟ فذهب فأخذ بيد أبي بكر الصديق فقال : مرحباً بالصديق سيد بني تميم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله ( ﷺ ) في الغار الباذل نفسه وماله لرسول الله ( ﷺ ) ثم أخذ بيد عمر فقال : مرحباً بسيد بن عدي بن كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله ( ﷺ ) ثم اخذ بيد علي فقال : مرحباً يا ابن عم رسول الله ( ﷺ ) وختمه وسيد بني هاشم ما خلا رسول الله ( ﷺ ).
فقال له علي : اتق الله يا عبدالله ولا تنافق فإن المنافقين شر خليفة الله.
فقال مهلاً يا أبا الحسن إني لا أقول هذا نفاقاً والله إن إيماننا كإيمانكم وتصديقنا كتصديقكم ثم تفرقوا فقال عبدالله لأصحابه كيف رأيتموني فعلت ؟ فأثنوا عليه خيراً.
البقرة :( ١٥ - ١٩ ) الله يستهزئ بهم...
" الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين " ( ) الله يستهزئ بهم ( أي يجازيهم جزاء استهزائهم بالمؤمنين فسمي الجزاء باسمه لأنه في مقابلته قال ابن عباس يفتح لهم باب الجنة فإذا انتهوا إليه سدّ عنهم وردوا إلى النار ) ويمدهم ( أي يتركهم ويمهلهم.
والمد والإمداد واحد وأصله الزيادة وأكثر ما يأتي المد في الشر والإمداد في الخير ) في طغيانهم ( أي في ضلالهم وأصل الطغيان مجاوزة الحد ) يعمهون ( أي يترددون في الضلالة متحيرين ) أولئك ( يعني المنافقين ) الذين اشتروا الضلالة بالهدى ( أي استبدلوا الكفر بالإيمان وإنّما أخرجه بلفظ الشراء والتجارة توسعاً على سبيل الاستعارة لأن الشراء فيه إعطاء بدل وأخذ آخر.
فإن قلت كيف قال اشتروا الضلالة بالهدى وما كانوا على هدى.
قلت جعلوا لتمكنهم منه كأنه في أيديهم فإذا تركوه إلي الضلالة فقد عطلوه واستبدلوه بها.
والضلالة الجوز عن القصد وفقد الاهتداء ) فما ربحت تجارتهم ( أي ما ربحوا في تجارتهم والربح الفضل عن رأس المال وأضاف الربح إلى التجارة لأن الربح يكون فيها ) وما كانوا مهتدين ( أي مصيبين في تجارتهم، لأن رأس المال هو الإيمان فلما أضاعوه واعتقدوا الضلالة فقد ضلوا عن الهدى.
وقيل وما كانوا مهتدين في ضلالتهم.
قوله عزّ وجلّ ) مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً ( المثل عبارة عن قول يشبه ذلك القول قولاً آخر بينهما مشابهة ليبين