صفحة رقم ٣٦٨
عند تلبيس اليهود لئلا يرتابوا ولا يشكوا وقوله تعالى :( قل إن الفضل ( يعني قل لهم يا محمد إن التوفيق للإيمان والهداية للإسلام ) بيد الله ( أي أنه مالك له وقادر عليه دونكم ودون سائر خلقه ) يؤتيه من يشاء ( يعني الفضل الذي هو دين الإسلام يعطيه من يشاء من عباده ويوفق له من أراد من خلقه وفيه تكذيب لليهود في قولهم أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم فقال الله تعالى رداً عليهم قل لهم ليس ذلك إليهم وإنما الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وأصل الفضل في اللغة الزيادة وأكثر ما يستعمل في زيادة الإحسان والفاضل الزائد على غيره في خصال الخير ) والله واسع ( أي ذو سعة يتفضل على من يشاء ) عليم ( أي بمن يتفضل عليه وهو للفضل أهل.
آل عمران :( ٧٤ - ٧٥ ) يختص برحمته من...
" يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون " ( ) يختص برحمته ( يعني بنبوته ورسالته وقيل بدينه الذي هو الإسلام وقيل بالقرآن ) من يشاء ( يعني من خلقه وفيه دليل على أن النبوة لا تحصل إلاّ بالاختصاص والتفضل لا بالاستحقاق لأنه تعالى جعلها من باب الاختصاص وللفاعل أن يفعل ما يشاء إلى من يشاء بغير استحقاق ) والله ذو الفضل العظيم ( قوله عز وجل :( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك ( الآية نزلت في اليهود أخبر الله عز وجل أن فيهم أمانة وخيانة وقسمهم قسمين، والقنطار عبارة عن المال الكثير والدينار عبارة عن المال القليل يقول منهم من يؤد الأمانة وإن كثرت مثل عبدالله بن سلام وأصحابه ومنهم من لا يؤديها وإن قلت : وهم كفار أهل الكتاب مثل كعب بن الأشرف وأصحابه قال ابن عباس في هذه الآية : أودع رجل من قريش عبدالله بن سلام ألفاً ومائتي أوقية من ذهب فأداها إليه فذلك قوله تعالى :( ومن أهل الكتاب من أن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من أن تأمنه بدينار لا يؤده إليك ( يعني فنحاص بن عازوراء استودعه رجل من قريش ديناراً فخانه وجحده ولم يؤده إليه.
وقيل : أهل الأمانة هم النصارى، وأهل الخيانة هم اليهود لأن مذهبهم أن يحل قتل من خالفهم في أمر الدين وأخذ ماله بأي طريق كان ) إلاّ ما دمت عليه قائماً ( قال ابن عباس : يريد تقوم عليه وتطالبه بالإلحاح والخصومة والملازمة وقيل : معناه إلاّ مدة دوامك عليه يا صاحب الحق قائماً على رأسه متوكلاً


الصفحة التالية
Icon