صفحة رقم ٣٦٩
عليه بالمطالبة له والتعنيف بالرفع إلى الحاكم وإقامة البينة عليه.
وقيل أراد أنه إن أودعته شيئاً ثم استرجعته منه في الحال وأنت قائم على رأسه لم تفارقه رده عليك.
وإن أخرت استرجاع ما أودعته وأنكره ولم يرده عليك ) ذلك ( أي سبب ذلك الاستحلال والخيانة ) بأنهم قالوا ( يعني اليهود ) ليس علينا في الأميين سبيل ( يعني أنهم يقولون ليس علينا إثم ولا حرج في أخذ مال العرب وذلك أن اليهود قالوا : أموال العرب حلال لنا إنهم ليسوا على ديننا ولا حرمة لهم في كتابنا وكانوا يستحلون ظلم من خالفهم في دينهم وقيل : إن اليهود قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه والخلق لنا عبيد فلا سبيل علينا إذا أكلنا أموال عبيدنا وقيل إنهم قالوا : إن الأموال كلها كانت لنا فما في يد العرب فهو لنا، وإنما هم ظلمونا وغصبوها منا فلا سبيل علينا في أخذها منهم بأي طريق كان وقيل إن اليهود كانوا يبايعون رجالاً من المسلمين في الجاهلية.
فلما أسلموا تقاضوهم بقية أموالهم فقالوا : ليس لكم علينا حق ولا عندنا قضاء لأنكم تركتم دينكم وانقطع العهد بيننا وبينكم، وادعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم فأكذبهم الله تعالى فقال ) ويقولون على الله الكذب ( يعين اليهود ) وهم يعلمون ( يعني أنهم كاذبون ثم إنه تعالى رد على اليهود قولهم.
آل عمران :( ٧٦ - ٧٧ ) بلى من أوفى...
" بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم " ( ) بلى ( أي ليس الأمر كما قالوا بل عليهم سبيل ولفظة بلى لمجرد نفي ما قبلها فعلى هذا يحسن الوقوف عليها ثم يبتدئ من أوفى أي ولكن ) من أوفى بعهده ( أي بعهد الله الذي عهد إليه في التوراة من الإيمان بمحمد ( ﷺ ) وبالقرآن الذي أنزل عليه وبأداء الأمانة إلى من ائتمنه عليها وقيل الهاء في قوله بعهده راجعة إلى الموفى ) واتقى ( يعني الكفر والخيانة ونقض العهد ) فإن الله يحب المتقين ( يعني الذين يتقون الشرك.
( ق ) عن عبدالله بن عمرو قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر )، وفي رواية ( إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ) قوله عز وجل :( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً ( قال عكرمة نزلت هذه الآية في أحبار اليهود ورؤسائهم