صفحة رقم ٣٧٤
بأنه إذا بعث محمداً أن يؤمنوا به وينصروه وهذا قول كثير من المفسرين وقوله ) لما آتيتكم من كتاب وحكمة ( قرئ بفتح اللام من لما وبكسرها مع التخفيف في القراءتين فمن قرأ بفتح اللام قال : معنى الآية وإذ أخذ الله ميثاق النبيين من أجل الذي آتاهم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول يعني ذكر محمد ( ﷺ ) في التوراة لتؤمنن به للذي عندكم في التوراة من ذكره ومن قرأ بكسر اللام جعل قوله لتؤمنن به من أخذ الميثاق كما يقال أخذت ميثاقك لتفعلن لأن أخذ الميثاق بمنزلة الاستحلاف فكان معنى الآية وإذ استحلف الله النبيين للذي أتاهم من كتاب وحكمة متى جاءهم رسول مصدق لما معهم ليؤمنن به ولينصرنه وقوله ) ثم جاءكم رسول ( يعني محمداً ( ﷺ ) ) مصدق لما معكم ( وذلك أن الله وصفه في كتب الأنبياء المتقدمة وشرح فيها أحواله فإذا جاءت صفاته وأحواله مطابقة في كتبهم المنزلة فقد صار مصدقاً لها فيجب الإيمان به والانقياد لقوله ولام قوله ) لتؤمنن به ( لام القسم تقديره والله لتؤمنن به ) ولتنصرنه ( قال البغوي : قال الله عز وجل للأنبياء حين استخرج الذرية من صلب آدم والأنبياء فيهم كالمصابيح أخذ عليهم الميثاق في أمر محد ( ﷺ ) ) أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري ( الآية.
وقال الإمام فخر الدين : يحتمل أن يكون هذا الميثاق ما قرر في عقولهم من الدلائل الدالة على أن الانقياد من الله واجب، فإذا جاء رسول وظهرت المعجزات الدالة على صدقة، فإذا أخبرهم بعد ذلك أن الله أمر الخلق بالإيمان به عرفوا عند ذلك وجوبه بتقرير هذا الدليل في عقولهم فهذا هو المراد من الميثاق ) قال اأقرتم ( يعني قال الله تعالى : أأقرتم فإن فسرنا أن أخذ الميثاق كان من النبيين ؛ كان معناه قال الله تعالى للنبيين : أأقرتم بألإيمان به والنصر له وإن فسرنا بأن أخذ الميثاق كان على الأمم كان معناه قال كل نبي لأمته أأقرتم وذلك لأنه تعالى أضاف اخذ الميثاق إلى نفسه وأن كان النبييون أخذوه على الأمم فلذلك طلب هذا الإقرار وأضافه إلى نفسه وإن وقع من الأنبياء والمقصود أن الأنبياء بالغوا في إثبات هذا الميثاق وتأكيده على الأمم وطالبوهم بالقبول وأكدوا ذلك بالإشهاد ) وأخذتم على ذلكم إصري ( أي عهدي والإصر العهد الثقيل وقيل سمي العهد إصراً لأنه مما يؤصر أي يشد ويعقد.


الصفحة التالية
Icon