صفحة رقم ٣٧٧
الاية فقال :( والله لا يهدي القوم الظالمين ( يعني جميع الكفار المرتدين عن الإسلام والكافر الأصلي وإنما سمي الكافر لأنه وضع العبادة في غير موضعها.
آل عمران :( ٨٧ - ٩٠ ) أولئك جزاؤهم أن...
" أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون " ( ) أولئك جزاؤهم ( يعني الذين كفروا بعد إيمانهم ) أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها ( أي في عذاب اللعنة وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة البقرة ) لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ( أي لا يؤخرون عن وقت العذاب لا يؤخر عنهم من وقت إلى وقت ثم استثنى سبحانه وتعالى فقال :( إلاّ الذين تابوا من بعد ذلك ( يعني من بعد ارتدادهم وكفرهم وذلك أل الحارث بن سويد الأنصاري لما لحق بالكفار ندم على ذلك فأرسل إلى قومه أن سلوا رسول الله ( ﷺ ) هل لي من توبة ؟ ففعلوا ذلك فأنزل الله تعالى إلاّ الذين تابوا من بعد ذلك وأصحلوا الله فبعث بها إليه أخوه الجلاس مع رجل من قومه، فأقبل إلى المدينة تائباً وقبل رسول الله ( ﷺ ) توبته وحسن إسلامه ) وأصلحوا ( أي وضموا إلى التوبة الأعمال الصالحة فبيَّن أن التوبة وحدها لا تكفي حتى يضاف إليها العمل الصالح.
وقيل : معناه وأصلحوا باطنهم مع الحق بالمراقبات وظاهرهم مع الخلق بالعبادات والطاعات ) فإن الله غفور رحيم ( أي غفور لقبائحهم في الدنيا بالستر رحيم في الآخرة بالعفو وقيل : غفور بإزالة العذاب رحيم بإعطاء الثواب.
قوله عز وجل :( إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم ( نزلت في اليهود وذلك أنهم كفروا بعيسى والإنجيل بعد إيمانهم بموسى وغيره من أنبيائهم ثم ازدادوا كفراً يعني كفرهم بمحمد ( ﷺ ) والقرآن، وقيل نزلت في اليهود والنصارى وذلك أنهم كفروا بمحمد ( ﷺ ) لما رأوه بعد إيمانهم به قبل مبعثه لما ثبت عندهم من نعته وصفته في كتبهم ثم ازدادوا كفواً يعني ذنوباً في حال كفرهم.
وقيل نزلت في جميع الكفار وذلك أنهم أشركوا بالله بعد إقرارهم بأن الله خالقهم ثم ازدادوا كفراً يعني بإقامتهم على كفرهم حتى هلكوا عليه، وقيل زيادة كفرهم هو قولهم نتربص بمحمد ريب المنون وقيل نزلت في أحد عشر رجلاً من أصحاب الحارث بن سويد الذين ارتدوا عن الإسلام فلما رجع الحارث إلى الإسلام أقاموا على كفرهم بمكة وقالوا : نقيم على الكفر ما بدا لنا ومى أردنا الرجعة ينزل فينا مثل ما نزل في الحارث فلما فتح رسول الله ( ﷺ ) مكة فمن دخل منهم في الإسلام قبلت توبته ونزل فيمن مات منهم على كفره :( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار ( الآية.
فإن قلت قد وعد الله قبول الحسن وعطاء وقتادة والسدي : لن تقبل توبتهم حين يحضرهم الموت وهو وقت الحشرجة لأن الله تعالى قال :( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ( " فإن الذي يموت على الكفر لا تقبل توبته كأنه قال إن اليهود أو الكفار أو المرتدين الذين فعلوا


الصفحة التالية