صفحة رقم ٣٨
آذانهم عند قراءة القرآن وسماعه مخافة أن تميل قلوبهم إليه لأن الإيمان به عندهم كفر والكفر موت، وقيل هذا مثل ضربه الله تعالى للإسلام، فالمطر هو الإسلام، والظلمات ما فيه من البلاء والمحن، والرعد ما فيه من ذكر الوعيد والمخاوف في الآخرة، والبرق ما فيه من لوعد، ) يجعلون أصابعم في آذانهم ( يعني المنافقين إذا رأوا في الإسلام بلاء وشدة هربوا حذراً من الهلاك ) والله محيط بالكافرين ( يعني لا ينفعهم الهرب لأن الله من ورائهم يجمعهم ويعذبهم.
البقرة :( ٢٠ - ٢٣ ) يكاد البرق يخطف...
" يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين " ( ) يكاد البرق ( يعني دلائل الإسلام تزعجهم إلى النظر لولا ما سبق لهم من الشقاوة كلمة أضاء لهم يعني المنافقين، وإضاءته لهم هو تركهم بلا ابتلاء ولا امتحان ) مشوا فيه ( يعني على المسالمة بإظهار كلمة الإيمان وقيل كلما نالوا غنيمة وراحة في الإسلام ثبتوا وقالوا إنا معكم، ) وإذا أظلم عليهم قاموا ( يعني إذا رأوا شدة وبلاء تأخروا ) ولو شاء الله لذهب بسمعهم ( أي بصوت الرعد ) وأبصارهم ( بوميض البرق.
وقيل : أي لذهب بأسماعهم وأبصارهم الظاهرة كما أذهب أسماعهم وأبصارهم الباطنة ) إن الله على كل شيء قدير ( أي هو الفاعل لما يشاء لا منازع له فيه.
قوله عزّ وجلّ :( يا أيها الناس ( قال ابن عباس : يا أيها الناس خطاب لأهل مكة ويا أيها الذين آمنوا خطاب لأهل المدينة، وهو هنا خطاب عام لسائر المكلفين ) اعبدوا ربكم ( قال ابن عباس : وحدوا ربكم وكل ما ورد في القرآن من العبادة فمعناه التوحيد.
وأصل العبودية التذلل والعبادة غاية التذلُّل ولا يستحقها إلاّ من له غاية الإفضال والإنعام وهو الله تعالى ) الذي خلقكم ( أي ابتداع خلقكم على غير مثال سبق ) والذين من قبلكم ( أي وخلق الذين من قبلكم ) لعلكم ( لعل وعسى حرفاً ترجّ وهما أي كل منهما من الله واجب ) تتقون ( أي لكي تنجوا من العذاب، وقيل معناه تكونوا على رجاء التقوى بأن تصيروا في ستر ووقاية من عذاب الله وحكم الله من ورائكم يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ) الذي جعل لكم الأرض فراشاً ( أي خلق لكم الأرض بساطاً ووطاء مذللة