صفحة رقم ٤٠٣
المؤمن والكافر والطائع والعاصي فيجازي الكل على قدر استحقاقهم ولا يظلم أحداً منهم.
قوله عز وجل :( كنتم خير أمة ( سبب نزول هذه الآية أن مالك بن الصيف ووهب بن يهودا اليهوديين قالا لعبدالله بن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى حذيفة : نحن أفضل منكم وديننا خير من دينكم الذي تدعوننا إليه فأنزل الله هذه الآية واختلف في لفظة كان فقيل هي بمعنى الحدوث والوقوع والمعنى حدثتكم ووجدتم وخلقتم خير أمة وقيل كان هنا ناقصة وهي عبارة عن وجود الشيء في زمان ماض ولا تدل على انقطاع طارئ بدليل قوله :( وكان الله غفوراً رحيماً ( فعلى هذا التقدير يكون المعنى : كنتم في علم الله خير امة وقيل كنتم مذكورين في الأمم الماضية بأنكم خير أمة، وقيل كنتم في اللوح المحفوظ موصوفين بأنكم خير أمة وقيل معناه كنتم منذ آمنتم خير أمة وقيل قوله خير أمة تابع لقوله :( فأما الذين ابيضّت وجوههم ( والتقدير أنه يقال لهم عند دخول الجنة : كنتم في دنياكم خير أمة فلهذا استحققتم ما أنتم فيه من بياض الوجوه والنعم المقيم، وقيل كنتم بمعنى أنتم وقيل يحتمل أن يكون كان بمعنى صار فمعنى قوله كنتم أي صرتم خير أمة.
فأما المخاطبون بهذا من هم ففيه خلاف قال ابن عباس في قوله كنتم خير أمة هم الذين هاجروا مع رسول الله ( ﷺ ) وروى ابن جرير عن عمر بن الخطاب قال لو شاء الله تعالى لقال : أنتم فكنا كلنا ولكن في خاصة من أصحاب رسول الله ( ﷺ ) ومن صنع مثل ما صنعتم كانوا خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وقال الضحاك : هم أصحاب رسول الله ( ﷺ ) يعني به كانوا هم الرواة الدعاة الذين أمر الله عز وجل المسلمين باتباعهم وطاعتهم.
( ق ) عن عمران بن حصين أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران : فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة ثم إن بعدهم قوماً يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن ) زاد في رواية :( ويحلفون ولا يستحلفون )
( ق ) عن ابن مسعود أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته ) قوله :( خير الناس قرني ) يعني أصحابي القرن أهل كل زمان مأخوذ من الاقتران فكأنه الزمان الزمان الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم، وقيل القرن أربعون سنة وقيل ثمانون وقيل مائة.
( ق ) عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ( ﷺ ) :( لا تسبوا أصحابي فلو أن أحداً أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) النصيف النصف.
وقال ابن عباس في رواية عطاء في قوله : كنتم خير أمة هم أمة محمد ( ﷺ ) قال الزّجاج قوله كنتم خير أمة الخطاب فيه مع أصحاب رسول الله ( ﷺ ) ولكنه عام في كل أمة ونظيره قوله :( كتب عليكم الصيام، كتب عليكم القصاص ) فإن كل ذلك خطاب مع الحاضرين بحسب اللفظ، ولكنه عام في حق الكل كذا ههنا عن ( بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه سمع النبي ( ﷺ ) يقول في قوله تعالى :( كنتم خير أمة أخرجت للناس ( قال أنتم الأمة تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله تعالى ) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وأصل الأمة الجماعة المجتمعة على الشيء.
وأمة محمد ( ﷺ ) هم الجماعة الموصوفين بالإيمان بالله عز وجل وبمحمد ( ﷺ )
( خ ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :( كل أمتي يدخلون الجنة إلا ن أبى.
قالوا : ومن يأبى ؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى )