صفحة رقم ٥٢
للتأكيد ) فإمَّا يأتينكم مني هدى ( فيه تنبيه على عظم نعم الله على آدم وحواء كأنه قال وإن أهبطتكم من الجنة إلى الأرض فقد أنعمت عليكم بهدايتي التي تؤديكم إلى الجنة مرة أخرى على الدوام الذي لا ينقطع وقيل المخاطب هم ذرية آدم يعني يا ذرية آدم إما يأتينكم مني رشد وبيان وشريعة وقيل كتاب ورسول ) فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ( يعني فيما يستقبلهم ) ولا هم يحزنون ( أي على ما خلفوا وقيل لا خوف عليهم ولا هم يحزنون في الآخرة.
البقرة :( ٣٩ - ٤٤ ) والذين كفروا وكذبوا...
" والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون " ( ) والذين كفروا ( أي جحدوا ) وكذبوا بآياتنا ( أي بالقرآن ) أولئك أصحاب النار ( أي يوم القيامة ) هم فيها خالدون ( أي لا يخرجون منها ولا يموتون فيها قوله عز وجل ) يا بني إسرائيل ( اتفق المفسرون على أن إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلّى الله عليهم وسلم أجمعين ومعنى إسرائيل عبدالله وقيل صفوة الله والمعنى يا أولاد يعقوب ) اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ( أي اشكروا نعمتي وإنما عبر عنه بالذكر لأن من ذكر النعمة فقد شكرها ومن جحدها فقد كفرها وقيل الذكر يكون بالقلب ويكون اللسان ووحد النعمة لأنها المنفعة المفعولة على جهة الإحسان إلى الغير ومعناه أن المضرة المحضة لا تكون نعمة ولو فعل الإنسان منفعة وقصد نفسه بها لا تسمى نعمة إذا لم يقصد بها الغير ثم إن النعم ثلاثة : نعمة تفرد بها الله تعالى وهي إيجاد الإنسان ورزقه ونعمة وصلت إلى الإنسان بواسطة الغير لكن الله مكنه من ذلك فالمنعم بها في الحقيقة هو الله تعالى ونعمة حصلت للإنسان بسبب الطاعة وهي أيضاً من الله تعالى، فالله هو المنعم المطلق في الحقيقة لأن أصول النعم كلها منه.
وأما النعم المختصة ببني إسرائيل فكثيرة لأن قوله ) اذكروا نعمتي ( لفظها واحد ومعناها الجمع فمن النعم كلها منه.
وأما النعم المختصة ببني إسرائيل فكثيرة لأن قوله ) اذكروا نعمتي ( لفظها واحد ومعناها الجمع فمن النعم أن الله تعالى أنقذهم من فرعون وفلق البحر لهم وأغرق فرعون وتظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوى في التيه عليهم وإنزال التوراة ونعم غير هذه كثيرة فإن قلت إذا فسر النعمة بهذا فما كانت على المخاطبين بها بل كانت على آبائهم فكيف تكون نعمة عليهم حتى يذكروها.
قلت إنما ذكر المخاطبين بها لأن فخر الآباء الأبناء ولأن الأبناء إذا اتيقنوا أن الله قد أنعم على آبائهم بهذه النعم فقد وجب عليهم ذكرها وشكرها.
وقيل أن هذه النعم هي إدراك المخاطبين بها زمن محمد ( ﷺ ) وذكرها الإيمان به ) وأوفوا بعهدي ( أي امتثلوا أمري ) أوف بعهدكم ( أي بالقول والثواب وأصل للعهد حفظ الشيء ومراعاته حالاً بعد حال ومنه سمي الموثق الذي تلزم مراعاته عهداً وقيل أراد بالعهد جميع ما أمر الله به من غير تخصيص ببعض التكليف دون بعض وقيل أراد به ما ذكر في سورة المائدة وهو قوله :( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً ( " إلى قوله :( لأكفرن عنكم سيئاتكم ( " فهذا قوله :( أوف بعهدكم ( وقيل هو قوله :( وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة ( " يعني شريعة التوراة.
وقيل : هو قوله :( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون