صفحة رقم ٦٠٢
المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها ) أخرجه مسلم وعن أبي بكر الصديق قال كنت عند رسول الله ( ﷺ ) فنزلت :( من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً ( فقال رسول الله ( ﷺ ) ( يا أبا بكر ألا أقرئك آية أنزلت عليّ قلت بلى يا رسول الله قال فأقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقساماً في ظهري فتمطيت لها فقال رسول الله ( ﷺ ) ما شانك يا أبا بكر ؟ قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي وأينا لم يعمل سوءاً وإنا لمجزيون بأعمالنا ) فقال رسول الله ( ﷺ ) :( أما أنت يا أبا بكر والمؤمنون فتجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله وليس عليكم ذنوب.
وأما الآخرون فيجتمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة ) أخرجه الترمذي وقال حديث غريب وفي إسناده مقال وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي بكر وليس له إسناد صحيح وقوله :( ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً ( قال ابن عباس : يريد ولياً يمنعه ولا نصيراً ينصره فإن قلنا إن هذه الآية خاصة في حق كفار فتأويلها ظاهر وإن قلنا إنها في حق كل عامل سوء من مسلم وكافر فإنه لا ولي لأحد من دون الله يوم القيامة ولا ناصر.
فالمؤمنون لا ولي لهم غير الله وشفاعة الشافعين تكون بإذن الله فليس يمنع أحداً أحداً عن الله.
النساء :( ١٢٤ ) ومن يعمل من...
" ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا " ( وقوله تعالى :( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن ( قال مسروق لما نزلت من يعمل سوءاً يجز به قال أهل الكتاب نحن وأنتم سواء فنزلت هذه الآية قال المفسرون بيّن الله تعالى بهذه الآية فضيلة المؤمنين على غيرهم ولفظه من في قوله من الصالحات للتبعيض، لأن أحداً لا يقدر أن يستوعب جميع الصالحات بالعمل فإذا عمل بعضها استحق الثواب ) فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً ( النقير نقرة في ظهر النواة ومنها تنبت النخلة قال ابن عباس يريد لا ينقصون قدر نقرة النواة وهذا على سبيل المبالغة في نفي الظلم ووعد بتوفية جزاء أعمالهم من غير نقصان.
النساء :( ١٢٥ ) ومن أحسن دينا...
" ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا " ( قوله عز وجل :( ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن ( لما بيّن الله تعالى أن الجنة لمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن شرح الإيمان وبين فضله فقال تعالى :( ومن أحسن ديناً ( يعني ومن أحكم ديناً والدين هو المشتمل على كمال العبودية والخضوع والانقياد لله عز وجل وهو الذي كان عليه إبراهيم ( ﷺ ).
واعلم أن دين الإسلام مبني على أمرين : أحدهما الإعتقاد وإليه الإشارة بقوله :( أسلم وجهه لله ( يعني انقاد لله وخضع له في سره وعلانيته وقيل معناه أخلص طاعته لله وقيل فوض أمره إلى الله.
الأمر الثاني من مباني الإسلام العمل وإليه الإشارة بقوله :( وهو محسن ( يعني في عمله لله فيدخل فيه فعل الحسنات والمفروضات والطاعات وترك السيئات وقال ابن عباس في تفسير قوله :( وهو محسن ( يريد وهو موحد لله عز وجل لا يشرك به شيئاً قال العلماء وإنما صار دين الإسلام أحسن الأديان لأنه فيه طاعة الله ورضاه وهما أحسن الأعمال.
وإنما خص الوجه بالذكر في قوله :( أسلم وجهه لله ( لأنه أشرف الأعضاء فإذا انقاد الوجه لله وخضع له فقد انقاد جميع الأعضاء لأنها تابعة له ) واتبع ملة إبراهيم ( يعني دين إبراهيم عليه السلام ) حنيفاً ( يعني مسلماً مخلصاً والحنيف المائل ومعناه المائل عن الأديان كلها إلى الإسلام لأن كل ما سواه من الأديان باطل وحنيفاً يجوز أن يكون حالاً لإبراهيم ويجوز أن يكون حالاً للمتبع كما تقول رأيته راكباً.
قال


الصفحة التالية
Icon