صفحة رقم ٦٠٣
ابن عباس ومن دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى الكعبة والطواف ومناسك الحج والختان هو نحو ذلك.
فإن قلت ظاهر هذه الاية يقتضي أن شرع محمد ( ﷺ ) هو نفس شرع إبراهيم عليه السلام وعلى هذا لم يكن لمحمد ( ﷺ ) شرع يستقل به وليس الأمر كذلك فما الجواب ؟ قلت إن شرع إبراهيم وملته داخلان في شرع محمد ( ﷺ ) وملته مع زيادات كثيرة حسنة خص الله بها محمداً ( ﷺ ) فمن اتبع ملة محمد ( ﷺ ) فقد اتبع ملة إبراهيم لأنها داخلة في ملة محمد ( ﷺ ) وشرع إبراهيم داخل في شرع محمد ( ﷺ ) وإنما قال تعالى :( واتبع ملة إبراهيم ( لأن إبراهيم ( ﷺ ) كان يدعو إلى توحيد الله وعبادته ولهذا خصه بالذكر لأنه كان مقبولاً عند جميع الأمم فإن العرب كانوا يفتخرون بالانتساب إليه وكذا اليهود والنصارى.
فإذا ثبت هذا وأن شرعه كان مقبولاً عند الأمم وأن شرع محمد ( ﷺ ) وملته هو شرع إبراهيم وملته لزم الخلق الدخول في دين محمد ( ﷺ ) وقبول شرعه وملته.
وقوله تعالى :( واتخذ الله إبراهيم خليلاً ( يعني صفياً والخلة صفاء المودة وقيل الخلة الافتقار والانقطاع فخليل الله المنقطع إليه وسمي إبراهيم خليلاً لأنه انقطع إلى الله في كل حال.
وقيل الخلة الاختصاص والاصطفاء وسمي إبراهيم خليلاً لأنه والى في الله وعادى في الله وقيل لأنه تخلّق بأخلاق حسنة وخلالٍ كريمة وقيل الخليل المحب الذي ليس في محبته خلل وسمي إبراهيم خليل الله لأنه أحبه محبة كاملة ليس فيها نقص ولا خلل وأنشد في معنى الخلة التي هي بمعنى المحبة :
قد تخللت مسلك الروح مني
وبه سمي الخليل خليلا
وقيل الخليل من الخلة الخاء وهي الحاجة سميت خلة للاختلال الذي يلحق الإنسان فيها وسمي إبراهيم خليلاً لأنه جعل فقره وفاقته وحاجته إلى الله تعالى.
وخلة الله للعبد هي تمكينه من طاعته وعصمته وتوفيقه وستر خلله ونصره والثناء عليه فقد أثنى الله عز وجل على إبراهيم عليه السلام وجعله إماماً للناس يقتدى به.
واختلفوا في السبب الذي من أجله اتخذ الله إبراهيم خليلاً فقال ابن عباس كان إبراهيم ( ﷺ ) أبا الضيفان وكان منزله على ظهر الطريق يضيف من مر به من الناس فأصاب الناس شدة قحط فقصد الناس باب إبراهيم يطلبون منه الطعام، وكانت الميرة تأتيه من صديق له بمصر فبعث إبراهيم غلمانه إلى خليله الذي بمصر فقال خليله لغلمان إبراهيم لو كان إبراهيم يريد إنماء الطعام لنفسه احتملنا ذلك له وقد دخل علينا مثل ما دخل على الناس من الشدة فرجع غلمان إبراهيم بغير طعام فمروا ببطحاء من الرمل سهلة فقالوا لو حملنا من هذه البطحاء ليرى الناس من الشدة فرجع غلمان إبراهيم بغير طعام فمروا ببطحاء من الرمل سهلة فقالوا لو حملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنا قد جئنا بالميرة فإنا نستحي أن نمر بهم وإبلنا فارغة فملؤوا من ذلك الرمل الغرائر التي معهم ثم أتوا إلى إبراهيم ( ﷺ ) فأعلموه وسارة نائمة فاهتم لذلك لمكان الناس ببابه فغلبته عيناه فنام واستيقظت سارة وقد ارتفع النهار فقالت سبحان الله ما جاء الغلمان قالوا