صفحة رقم ٦١٦
عمن ظلمكم واقتدوا بسنّة الله عز وجل يعف عنكم يوم القيامة لأنه أهل للتجاوز والعفو عنكم وقيل معناه إن الله كان عفواً لمن عفا قديراً على إيصال الثواب إليه.
قوله عز وجل :( إن الذين يكفرون بالله ورسله ( نزلت في اليهود وذلك أنهم آمنوا بموسى والتوراة وكفروا بعيسى والإنجيل وبمحمد ( ﷺ ) والقرآن وقيل نزلت في اليهود والنصارى جميعاً وذلك أن اليهود آمنوا بموسى وكفروا بعيسى ومحمد والنصارى آمنوا بعيسى وكفروا بمحمد ( ﷺ ) وعليهم أجمعين ) ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ( يعني ويريدون أن يفرقوا بين الإيمان بالله والإيمان برسله ولا يصح الإيمان مع التكذيب ببعض رسله ) ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً ( يعني بين الإيمان بالبعض دون البعض يتخذون مذهباً يذهبون إليه وديناً يدينون به ) أولئك ( يعني من هذه صفتهم ) هم الكافرون حقاً ( يعني يقيناً وإنما قال ذلك توكيداً لكفرهم لئلا يتوهم متوهم أن الإيمان ببعض الرسل يزيل اسم الكفر عنهم وليعلم أن الكفر ببعض الأنبياء كالكفر بكلهم لأن الدليل الذي يدل على نبوة البعض وهو المعجزة لزم منه أنه حيث وجدت المعجزة حصلت النبوة وقد وجدت المعجزة لجميع الأنبياء فلزم الإيمان بجميعهم ) وأعتدنا ( يعني وهيأنا ) للكافرين عذاباً مهيناً ( يعني يهانون فيه.
النساء :( ١٥٢ - ١٥٥ ) والذين آمنوا بالله...
" والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا " ( ) والذين آمنوا بالله ورسله ( يعني والذين صدقوا بوحدانية الله ونبوة جميع أنبيائه وأن جميع ما جاؤوا به من عند الله حق وصدق ) ولم يفرقوا بين أحد منهم ( يعني من الرسل بل آمنوا بجميعهم وهم المؤمنون ) أولئك ( يعني من هذه صفتهم ) سوف يؤتيهم أجورهم ( يعني جزاء إيمانهم بالله وبجميع كتبه ورسله ) وكان الله غفوراً رحيماً ( يعني أنه تعالى لما وعدهم بالثواب أخبرهم أنه يتجاوز عن سيئاتهم ويغفرها لهم ويرحمهم فهو كالترغيب لليهود والنصارى في الإيمان بمحمد ( ﷺ ) لأنهم إذا آمنوا غفر لهم ما كان منهم في حال الكفر.
قوله تعالى :( يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء ( يعني يسألك يا محمد أهل الكتاب، وهم اليهود وذلك أن كعب بن الأشرف وفنحاص بن عازوراء من اليهود قالا لرسول الله ( ﷺ ) : إن كنت نبياً فأتنا بكتاب جملة واحدة من السماء كما أتى موسى بالتوراة وقيل : سألوا رسول الله ( ﷺ ) أن ينزل عليهم كتاباً مختصاً بهم وقيل سألوه أن ينزل عليهم كتاباً إلى فلان وكتاباً إلى فلان ليشهدا لك بأنك رسول الله وكان هذا السؤال من اليهود سؤال تعنت واقتراح لا سؤال استرشاد وانقياد والله تعالى لا ينزل الآيات على اقتراح العباد، ولأن معجزة النبي ( ﷺ ) كانت قد تقدمت وظهرت فكان طلب الزيادة من باب التعنت.
وقوله تعالى :( فقد سألوا موسى أكبر من ذلك ( يعني أعظم من الذي سألوك يا محمد ففيه تسلية للنبي ( ﷺ ) وتوبيخ وتقريع لليهود حيث سألوا رسول الله ( ﷺ ) سؤال تعنت والمعنى لا تعظمن عليك يا محمد مسألتهم ذلك فإنهم من فرط جهلهم واجترائهم على الله لو أتيتهم بكتاب من السماء لما آمنوا بك وإنما أسند السؤال إلى اليهود الذين كانوا في زمن النبي ( ﷺ ) وإن وجد هذا السؤال من آبائهم الذين كانوا في أيام موسى عليه السلام لأنهم كانوا على مذهبهم وراضين بسؤالهم ومشاكلين لهم في التعنت ) فقالوا ( يعني أسلاف هؤلاء اليهود ) أرنا الله جهرة ( يعني عياناً.
والمعنى


الصفحة التالية
Icon