صفحة رقم ٦٢
محتبين من الحبوة وهم ضم الساق إلى بطن بثوب، وقيل لهم من حل حبوته أو مد طرفه إلى قاتله أو اتقاه بيد أو رجل فهو ملعون مردودة توبته، وأصلت القوم الخناجر والسيوف، وأقبلوا عليهم فكان الرجل يرى ابنه وأباه وأخاه وقريبه وصديقه وجاره فيرق له، فما يمكنهم المضي لأمر الله تعالى فقالوا يا موسى كيف نفعل ؟ فأرسل الله تعالى عليهم سحابة سوداء لا يبصر بعضهم بعضاً فكانوا يقتلون إلى السماء فلما كثر القتل دعا موسى وهارون الله وبكيا وتضرّعا إليه وقال : يا رب هلكت بنو إسرائيل البقية فكشف الله السحابة عنهم وأمرهم أن يكفوا عن القتل، فتكشف عن ألوف من القتلى قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كان عدد القتلى سبعين ألفاً فاشتد ذلك على موسى فأوحى الله إليه أما يرضيك أن أدخل القاتل والمقتول الجنة، فكان من قتل منهم شهيداً ومن بقي مكفراً عنه ذنوبه فذلك قوله تعالى :( فتاب عليكم ( أي فعلتم ما أمرتم به فتجاوز عنكم ) إنه هو التواب ( أي الرجاع بالمغفرة القابل التوبة ) الرحيم ( بخلقه.
البقرة :( ٥٥ - ٥٧ ) وإذ قلتم يا...
" وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " ( قوله عز وجل :( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك ( أي لن نصدقك ) حتى نرى الله جهرة ( أي عياناً وذلك أن الله عز وجل أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل، فاختار موسى من قومه سبعين رجلاً من خيارهم وقال لهم : صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم، ففعلوا وخرج بهم موسى إلى طور سيناء لميقات ربه فقالوا لموسى : اطلب لنا أن نسمع كلام ربنا قال : أفعل فلما دنا من الجبل وقع عليه عمود من الغمام وتغشى الجبل كله فدخل موسى في الغمام، وقال للقوم : ادنوا حتى دخلوا تحت الغمام وخروا سجداً وكان موسى إذا كلمه ربه وقع على وجه نور ساطع فلا يستطيع أحد أن ينظر إليه فضرب دونهم الحجاب وسمعوه يكلم موسى يأمره وينهاكم وأسمعهم الله تعالى :( إني أنا الله لا إله إلا أنا ذو بكة أخرجتكم من أرض مصر بيد شديدة فاعبدوني ولا تعبدوا غيري فلما فرغ موسى وانكشف الغمام أقبل إليهم فقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) وإنما قالوا : جهرة توكيد للرؤية لئلا يتوهم متوهم أن المراد بالرؤية العلم ) فأخذتكم الصاعقة ( قيل : هي الموت وفيه ضعف لأن قوله وأنتم تنظرون يرده إذ لو كان منها الموت لامتنع كونهم ناظرين إليها وقيل : إن الصاعقة هي سبب الموت واختلفوا في ذلك السبب فقيل : إن ناراً نزلت من السماء فأحرقتهم.
وقيل : جاءت صيحة من السماء وقيل : أرسل جموعاً من الملائكة فسمعوا بحسهم فخروا صعقين ) وأنتم تنظرون ( أي ينظر بعضكم إلى بعض كيف يأخذه الموت فلما هلكوا جعل موسى يبكي ويتضرع ويقول إلهي ماذا أقول لبني إسرائيل