صفحة رقم ٦٢٩
التفصيل عليه لأن ذكر أحدهما يدل على ذكر الثاني، والوجه الثاني أن الإحسان إلى غيرهم مما يغمهم فكان داخلاً في جملة التنكيل بهم فكأنه قال ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فيعذبهم بالحسرة والغم إذا رأوا أجور المطيعين العاملين لله تعالى.
قوله عز وجل :( يا أيها الناس ( خطاب للكافة ) قد جاءكم برهان من ربكم ( يعني محمداً ( ﷺ ) وما جاء به من البينات من ربه عز وجل وإنما سماه برهاناً لما معه من المعجزات الباهرات التي تشهد بصدقة ولأن للبرهان دليل على إقامة الحق وإيصال الباطل والنبي ( ﷺ ) كان كذلك ولأنه تعالى جعله حجة قاطعة قطع به عذر جميع الخلائق ) وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً ( يعني القرآن وإنما سماه نوراً لأن به تتبين الأحكام كما تتبين الأشياء بالنور بعد الظلام ولأنه سبب لوقوع نور الإيمان في القلب فسماه نوراً لهذا المعنى ) فإما الذين آمنوا بالله ( يعني صدقوا بوحدانية الله وبما أرسل من رسول وأنزل من كتاب ) واعتصموا به ( يعني بالله في أن يثبتهم على الإيمان ويصونهم عن زيغ الشيطان، وقيل في معنى واعتصموا به أي وتمسكوا بالنور وهو القرآن الذي أنزله على نبيه محمد ( ﷺ ) ) فسيدخلهم في رحمة منه ( يعني فسيدخلهم في رحمته التي ينجيهم بها من أليم عذابه قال ابن عباس الرحمة الجنة ) وفضل ( يعني ما يتفضل به عليهم بعد إدخالهم الجنة مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ويهديهم إليه صراطاً مستقيماً ( يعني ويوفقهم لإصابة فضله الذي تفضل به عليهم ويسددهم لسلوك منهج من أنعم عليه من أهل طاعته ويرشدهم لدينه الذي ارتضاه لعباده وهو دين الإسلام.
قوله تعالى ) يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ( نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري
( ق ) عن جابر ابن عبد الله نرضت فأتاني رسول الله ( ﷺ ) وأبو بكر يعوداني ماشيين فأغمي علي فتوضأ النبي ( ﷺ ) ثم صب علي من وضوئه فلأفقت فإذا النبي ( ﷺ ) فقلت يارسول الله كيف أصنع في مالي ؟ كيف أقضي في مالي ؟ فلم يرد يرد علي شيئا حتى نزلت آية الميراث ' ) يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ( وفي رواية فقلت يارسول الله إنما يرثني كلالة فنولت آية الميراث قال شعبة فقلت لمحمد بن النكدر يستفتونك ) قل الله يفتيكم في الكلالة ( قال هذكا نزلت وفي رواية للترمذي وكان لي تسع أخوات حتى نزلت آية الميراث ويستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ولأبي داود قال اشتكيت وعندي سبع أخوات فدخل علي رسول الله ( ﷺ ) فنفخ في وجهي فأفقت فقلت يا رسول الله ألا أوصي لأخواتي بالثلثين ؟ قال أحسن قلت بالشطر ؟ قال أحسن ثم خرج وتركني فقال يا جابر لا أراك ميتا من وجعك هذا وإن الله أنزل فبين الذي لأخواتك فجعل لهن الثلثين فقال فكان جابر يقول أنزلت هذه الآية في ) يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ( وروى الطبري عن قتادة أن الصحابة أهمهم شأنم الكلالة فسألوا عنها نبي الله ( ﷺ ) فأنزل الله هذه الآية الكريمة وروى عن ابن سيرين قال نزلت ) يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ( والنبي ( ﷺ ) في مسير له وإلى جنبه حذيفة بن اليمان فلما استخلف عمر سأل حذيفة عنها ورجا أن يكون عنده تفسيرها فقال له حذيفة والله لأنك لعاجز إن ظننت إن إمارتك تحملني أن أحدثك فيها ما لم أحدثك يومئذ فقال عمر لم أرد هذا رحمك الله.
وأما التفسير فقوله تعالى يستفتونك يعني يسألونك ويستخبرونك عن معنى الكلالة يا محمد قل الله يفتيكم في الكلالة يعني الله هو يخبركم عما سألتم عنه من أمر


الصفحة التالية
Icon