صفحة رقم ٦٥
لكل سبط عين، وكانوا اثني عشر سبطاً، وقيل : كان حجراً معيناً بدليل أنه عرفه بالألف واللام قال ابن عباس : كان حجراً خفيفاً مربعاً قدر رأس الرجل وكان موسى عليه الصلاة والسلام يضعه في مخلاة، فإذا احتاجوا إلى الماء وضعه وضربه بعصاه وقيل : كان للحجر أربعة وجوه في كل وجه ثلاثة أعين لكل سبط عين وقيل كان من الرخام وقيل، كان من الكذان وهي الحجارة الليّنة وقيل : هو الحجر الذي وضع عليه موسى ثوبه ليغتسل، ففر به فأتاه جبريل وقال إن الله يأمرك أن ترفع هذا الحجر فلي فيه قدرة ولك فيه معجزة فوضعه في مخلاة فلما سألوه السقيا قيل اضرب بعصاك الحجر فكان إذا احتاجوا إلى الماء، وضعه وضربه بعصاه فتتفجر منه عيون لكل سبط عين تسيل إليهم في جدول، وكان إذا أراد حمله ضربه بعصاه فيذهب الماء وييبس الحجر فذلك قوله تعالى :( فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً ( يعني على عدد أسباط بني إسرائيل، والمعنى فضربه فانفجرت قال المفسرون : انفجرت وانبجست : بمعنى واحد وقيل انبجست أي عرقت وانفجرت أي سالت ) قد علم كل أناس مشربهم ( أي موضع شربهم لا يدخل سبط على غيره ) كلوا واشربوا ( أي وقلنا لهم كلوا واشربوا ) من رزق الله ( يعني المن والسلوى والماء فهذا كله من رزق الله كان يأتيهم بلا مشقة ولا كلفة ) ولا تعثوا في الأرض مفسدين ( العيث أشد الفساد في هذه الآية معجزة عظيمة لموسى عليه الصلاة والسلام، حين انفجر من الحجر الصغير ما روى منه الجميع الكثير ومعجزة نبينا محمد ( ﷺ ) أعظم لأنه انفجر من بين أصبعيه فروى منه الجم الغفير، لأن انفجار الماء من الدم واللحم أعظم من انفجاره من الحجر.
البقرة :( ٦١ ) وإذ قلتم يا...
" وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون " ( قوله عز وجل :( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد ( وذلك أنهم سئموا من المن والسلوى وملوه، فاشتهوا عليه غيره لأن المواظبة على الطعام الواحد تكون سبباً لنقصان الشهوة.
فإن قلت : هما طعامان فما بالهم قالوا على طعام واحد.
قلت : أرادوا بالواحد ما لا يختلف ولا يتبدل ولو كان على مائدة الرجل عدة ألوان يداوم عليها في كل يوم لا يبدلها كانت بمنزلة الطعام الواحد ) فادع لنا ربك ( أي فاسأل لنا ربك ) يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها ( قال ابن عباس : الفوم الخبز وقيل هو الحنطة، وقيل هو الثوم ) وعدسها وبصلها ( إنما طلبوا هذا الأنواع لأنها تعين على تقوية الشهوة أو لأنهم ملوا من البقاء