صفحة رقم ٦٦
في التيه، فسألوا هذه الأطعمة التي لا توجد إلا في البلاد وكان غرضهم الوصول إلى البلاد لا تلك الأطعمة ) قال ( يعني موسى ) أتستبدلون الذي هو أدنى ( أي الذي هو أخس وأردأ وهو الذي طلبوه ) بالذي هو خير ( يعني بالذي هو أشرف وأفضل وهو ما هم فيه ) اهبطوا مصراً ( يعني إن أبيتم إلا ذلك.
فأتوا مصراً من الأمصار، وقيل : بل هو مصر البلد الذي كانوا فيه ودخول التنوين عليه كدخوله على نوح ولوط، والقول هو الأول ) فإن لكم ما سألتم ( يعني من نبات الأرض ) وضربت عليهم الذلة ( أي جعلت الذلة محيطة بهم مشتملة عليهم وألزموا الذل والهوان وقيل : الذلة الجزية وزي اليهودية وفيه بعد لأنه لم تكن ضربت عليهم الجزية بعد ) والمسكنة ( أي الفقر والفاقة وسمي الفقير مسكيناً لأن الفقر أسكنه وأقعده عن الحركة، فترى اليهود وإن كانوا أغنياء مياسير كأنهم فقراء فلا ترى أحداً من أهل الملل أذل ولا أحرص على المال من اليهود ) وباؤوا ( أي رجعوا ولا يقال باء إلا بشراً ) بغضب من الله ( وغضب الله إرادة الانتقام ممن عصاه ) ذلك ( أي الغضب ) بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ( أي بصفة محمد ( ﷺ ) وآية الرجم التي في التوراة ويكفرون بالإنجيل والقرآن ) ويقتلون النبيين ( النبي معناه المخبر من أنبأ ينبئ وقيل هو بمعنى الرفيع مأخوذ من النبوة وهو المكان المرتفع ) بغير الحق ( أي بغير جرم.
فإن قلت : قتل الأنبياء لا يكون إلا بغير حق فما فائدة ذكره.
قلت : ذكره وصفاً للقتل والقتل يوصف تارة بالحق وهو ما أمره الله به وتارة بغير الحق وهو قتل العدوان فهو كقوله :( قال رب احكم بالحق ( " فالحق وصف للحكم، لا أن حكمه ينقسم إلى حق وجور.
يروى أن اليهود قتلت سبعين نبياً في أول النهار، وقامت إلى سوق بقلها في آخره وقتلوا زكريا ويحيى وشعياء وغيرهم من الأنبياء ) ذلك بما عصوا ( أي ذلك القتل والكفر بما عصوا أمري ) وكانوا يعتدون ( أي يتجاوزون أمري ويرتكبون محارمي.
البقرة :( ٦٢ - ٦٣ ) إن الذين آمنوا...
" إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون " ( قوله عز وجل :( إن الذين آمنوا والذين هادوا ( يعني اليهود سموا بذلك لقولهم :( إنا هدنا إليك ) أي ملنا إليك وقيل : هادوا أي تابوا عن عبادة العجل وقيل إنهم مالوا عن دين الإسلام ودين موسى عليه السلام ) والنصارى ( سموا بذلك لقول الحواريين نحن ( أنصار الله ) وقيل : لاعتزائهم إلى قرية يقال لها ناصرة وكان المسيح ينزلها ) والصابئين ( أصله من صبأ إذا خرج من دين إلى دين آخر


الصفحة التالية
Icon