صفحة رقم ٦٨
وعمل صالحاً ( أي في إيمانه ) فلهم أجرهم عند ربهم ( أي جزاء أعمالهم ) ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( أي في الآخرة.
قوله عز وجل :( وإذا أخذنا ميثاقكم ( أي عهدكم يا معشر اليهود ) ورفعنا فوقكم الطور ( يعني الجبل العظيم قال ابن عباس : أمر الله جبلاً من جبال فلسطين فانقلع من أصله حتى قام على رؤوسهم وسبب ذلك أن الله تعالى لما أنزل التوراة على موسى، وأمرهم أن يعملوا بأحكامها فأبوا أن يقبلوها لما فيها من الآصار يعني الأثقال والتكاليف الشاقة أمر الله تعالى جبريل عليه السلام، أن يقلع جبلاً على قدر عسكرهم وكان قدره فرسخاً في فرسخ فرفعه فوق رؤوسهم قدر قامة كالظلة وقيل لهم : إن لم تقبلوا ما في التوراة وإلا أرسلت هذا الجبل عليكم ) خذوا ( أي قلنا لهم خذوا ) ما آتيناكم ( أي ما أعطيناكم ) بقوة ( أي بجد واجتهاد ) واذكروا ما فيه ( أي ادرسوا ما فيه ) لعلكم تتقون ( أي لكي تنجوا من الهلاك في الدنيا والعذاب في العقبى وإلا رضت رؤوسكم بهذا الجبل فلما رأوا ذلك نازلاً بهم قبلوا وسجدوا، وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود فصار ذلك سنة في سجود اليهود لا يسجدون إلا على أنصاف وجوههم، ويقولون : بهذا السجود رفع عنا العذاب.
البقرة :( ٦٤ - ٦٧ ) ثم توليتم من...
" ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين " ( ) ثم توليتم ( أي أعرضتم ) من بعد ذلك ( أي من بعد ما قبلتم التوراة ) فلولا فضل الله عليكم ورحمته ( أي بالإمهال ) لكنتم من الخاسرين ( أي المغبونين بذهاب الدنيا والعذاب في العقبى.
قوله عز وجل :( ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم ( أي جاوزوا الحد ) في السبت ( يقال : سبت اليهود لأنهم يعظمونه ويقطعون فيه أعمالهم، وأصل السبت القطع.
ذكر الإشارة إلى القصة
قال العلماء : بالأخبار إنهم كانوا في زمن داود عليه الصلاة والسلام بقرية بأرض أيلة وحرم الله عليهم صيد السمك يوم السبت، فكان إذا دخل يوم السبت لم يبق حوت في البحر إلا اجتمع هناك حتى لا يرى الماء من كثرتها.
فإذا مضى السبت تفرقت الحيتان ولزمن قعر البحر فلذلك قوله تعالى :( إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ( " ثم إن الشيطان وسوس إليهم، وقال : إنما نهيتم عن أخذها يوم السبت ولم تنهوا عن أخذها عن غيره فعمد رجال منهم فحفروا حياضاً كباراً حول البحر، وشرعوا منه إليها أنهاراً فإذا كان عشية الجمعة فتحوا تلك الأنهار فيقبل الموج من البحر بالحيتان إلى تلك الحياض فيقعن فيها ولا يقدرن على الخروج منها لعمقها، فإذا كان يوم الأحد أخذوها وقيل : إنهم كانوا ينصبون الشخوص والحبائل يوم الجمعة، ويخرجونها يوم الأحد ففعلوا ذلك زماناً ولم تنزل بهم عقوبة فتجرؤوا على السبت وقالوا ما نرى السبت إلا