صفحة رقم ٦٩
قد أحل لنا فأخذوا وملحوا وأكلوا وباعوا واشتروا فلما فعلوا ذلك صار أهل القرية ثلاثة أصناف، وكانوا نحو سبعين ألفاً صنف أمسك عن الصيد ونهى عن الاصطياد وصنف أمسك ولم ينه وصنف انهمكوا في الذنب وهتكوا الحرمة وكان الصنف الناهون اثني عشر ألفاً، فلما أبى المجرمون قبول نصيحتهم قالوا : والله لا نساكنكم في قرية واحدة فقسموا القرية بينهم بجدار فغيروا على ذلك سنين، ثم لعنهم داود وغضب الله عليهم لإصرارهم على المعصية فخرج الناهون ذات يوم من بابهم ولم يخرج من المجرمين أحد، ولم يفتحوا الباب فلما أبطؤوا تسوروا عليهم الجدار فإذا هم جميع قردة لهم أذناب وهم تتعاوون، وقيل : صار الشباب قردة والشيوخ خنازير فمكثوا ثلاثة أيام ثم هلكوا ولم يمكث مسخ فوق ثلاث ولم يتولدوا.
قال الله عز وجل :( فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ( أمر تحويل وتكوين، ومعنى خاسئين مبعدين مطرودين ؛ وقيل فيه تقديم وتأخير معناه كونوا خاسئين قردة ولهذا لم يقل خاسئات ) فجعلناها ( يعني عقوبتهم بالمسخ ) نكالاً ( أي عقوبة وعبرة ) لما بين يديها وما خلفها ( قيل : معناه عقوبة لما مضى من ذنوبهم وعبرة لمن بعدهم وقيل : جعلنا عقوبة قرية أصحاب السبت عبرة لمن بين يديها من القرى التي كانت عامرة في الحال وما خلفها أي.
ما يحدث بعدها من القرى ليتعظوا بذلك وقوله عز وجل :( وموعظة للمتقين ( أي المؤمنين من أمة محمد ( ﷺ ) لئلا يفعلوا مثل فعلهم.
قوله عز وجل :( وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ( البقرة واحدة البقر وهي الأنثى وأصلها البقر وهو الشق سميت بذلك لأنها تشق الأرض للحراثة.