صفحة رقم ٧٠
ذكر الإشارة إلى القصة في ذلك
قال علماء السير والأخبار : إنه كان زمن بني إسرائيل رجل غني وله ابن عم فقير لا وارث له سواه فلما طال عليه موته قتله ليرثه وحمله إلى قرية أخرى، وألقاه على بابها ثم أصبح يطلب ثاره وجاء بناس إلى موسى يدعي عليهم بالقتل، فجحدوا واشتبه أمر القتيل على موسى عليه الصلاة والسلام.
فسألوا موسى أن يدعو الله ليبين لهم ما أشكل عليم، فسأل موسى ربه في ذلك فأمره بذبح بقرة، وأمره أن يضربه ببعضها فقال لهم : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ) قالوا أتتخذنا هزواً ( أي نحن نسألك أمر القتيل، وأنت تستهزئ بنا وتأمرنا بذبح بقرة وإنما قالوا ذلك لبعد ما بين الأمرين في الظاهر، ولم يعلموا ما وجه الحكمه فيه ) قال ( يعني موسى ) أعوذ بالله ( أي أمتنع بالله ) أن أكون من الجاهلين ( أي المستهزئين بالمؤمنين وقيل : من الجاهلين بالجواب لا على وفق السؤال فلما علموا أن ذبح البقرة عزم من الله تعالى استوصفوه إياها ولو أنهم عمدوا إلى أي بقرة كانت فذبحوها لأجزأت عنهم ولكن شددوا فشدد عليهم وكان في ذلك حكمة الله عز وجل، وذلك أنه كان رجل صالح في بني إسرائيل، وله ابن طفل وله عجلة فأتى بها غيضة وقال : اللهم إني استودعتك هذه العجلة لابني حتى يكبر ومات ذلك الرجل، وصارت العجلة في الغيضة عواناً وكانت تهرب من الناس، فلما كبر ذلك الطفل، وكان باراً بأمه وكان يقسم ليله ثلاثة أجزاء يصلي ثلثاً وينام ثلثاً، ويجلس عند رأس أمه ثلثاً فإذا أصبح انطلق فيحتطب ويأتي به السوق فيبيعه بما يشاء الله فيتصدق بثلثه ويأكل ثلثه ويعطي أمه ثلثه، فقالت له أمه يوماً : يا بني إن أباك ورثك عجلة استودعها الله في غيضة كذا فانطلق وادع إله إبراهيم