صفحة رقم ٧١
وإسماعيل وإسحاق أن يردها عليك وعلامتها أنك إذا نظرت إليها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها، وكانت تسمى المذهبة لحسنها وصفرتها، فأتى الفتى غيضة فرآها ترعى فصاح بها وقال أعزم عليك بإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، فأقبلت البقرة حتى وقفت بين يديه فقبض على قرنها يقودها فتكلمت البقرة بإذن الله تعالى، قالت : أيها الفتى البار بأمه اركبني فإنه أهون عليك.
فقال الفتى : إن أمي لم تأمرني بذلك فقالت البقرة والله لو ركبتني ما كنت تقدر عليّ أبداً فانطلق فإنك لو أمرت الجبل أن ينقلع من أصله لانقلع لبرك بأمك فسار الفتى بها إلى أمه فقالت له أمه : إنك رجل فقير ولا مال لك ويشق عليك الاحتطاب بالنهار والقيام بالليل فانطلق فبع البقرة، فقال : بكم أبيعها قالت : بثلاثة دنانير ولا تبع بغير مشورتي وكان ثمن البقرة ثلاثة دنانير فانطلق بها الفتى إلى السوق، وبعث الله ملكاً ليرى خلقه قدرته، وليختبر الفتى كيف بره بأمه، وهو أعلم فقاله له الملك : بكم هذه البقرة ؟ قال بثلاثة دنانير، وأشترط عليك رضى أمي فقاله له الملك : لك ستة دنانير ولا تستأمر أمك فقال له الفتى لو أعطيتني وزنها ذهباً لم آخذه إلا برضا أمي.
ورجع الفتى إلى أمه فأخبرها بالثمن فقالت له : ارجع فبعها بستة دنانير ولا تبعها إلا برضاي فرجع بها إلى السوق وأتى الملك فقال له : استأمرت أمك فقال الفتى : نعم.
إنها أمرتني أن لا نقصها عن ستة على رضاها.
فقال الملك : إني أعطيتك اثني عشر ديناراً ولا تستأمرها فأبى الفتى ورجع إلى أمه فأخبرها بذلك فقالت له أمه : إن الذي يأتيك ملك في صورة آدمي ليجزيك، فإذا أتاك فقل له : أتأمرنا أن نبيع هذه البقرة أم لا ففعل فقاله له الملك : اذهب إلى أمك فقل لها أمسكي هذه البقرة فإن موسى بن عمران يشتريها منك لقتيل يقتل في بني إسرائيل، فلا تبعها إلا بملء مسكها ذهباً والمسك الجلد فأمسكتها وقدر الله على بني إسرائيل ذبح البقرة بعينها، فما زالوا يستوصفون البقرة حتى وصفت لهم تلك البقرة بعينها مكافأة بذلك الفتى على بره بأمه فضلاً من الله تعالى ورحمة.
البقرة :( ٦٨ - ٧١ ) قالوا ادع لنا...
" قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون " ( قوله تعالى ) قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ( أي ما سنها ) قال ( يعني موسى ) إنه يقول ( يعني الله عز وجل :( إنها بقرة لا فارض ولا بكر ( أي لا كبيرة ولا صغيرة والفارض المسنة التي لم تلد، والبكر الفتية التي لم تلد ) عوان ( أي نصف ) بين ذلك ( أي بين السنين ) فافعلوا ما تؤمرون ( أي من ذبح البقرة ولا تكثروا السؤال ) قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها ( قال ابن عباس شديد الصفرة وقيل : لونها صاف وقيل الصفراء السوداء والأول أصح لأنه يقال أصفر فاقع أسود حالك ) تسر الناظرين ( اي يعجبهم حسنها وصفاء لونها ) قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ( أي سائمة أو عاملة ) إن البقر تشابه علينا ( أي التبس واشتبه أمرها علينا ) وإنا إن شاء الله لمهتدون ( أي إلى وصفها قال رسول الله ( ﷺ ) :( وايم الله لو يستثنوا لما بينت لهم آخر الدهر )


الصفحة التالية
Icon